أغلب ما جاء في الوثيقة يتطابق مع الدراسات السابقة التي قامت بها لجنة إصلاح المسار الاقتصادي واللجنة الاستشارية الاقتصادية العليا التي كنت أحد أعضائها، وتقارير الشال لجاسم السعدون ووزارة التخطيط وغيرها من الدراسات التي قام بها كويتيون وأجانب، وكان مصيرها للأسف الإهمال وعدم التطبيق، فماذا ستفعل الحكومة القادمة حيالها؟ عند نشر هذا المقال تكون نتائج الانتخابات قد ظهرت، وأصبح العبء على من حاز أغلبية الأصوات تحدياً حقيقياً لا مجرد شعارات ترفع، لذلك فإنهم الآن أولى الناس بالنظر والتمعن في عنوان المقال أعلاه. قبل أيام نشر 29 من دكاترة جامعة الكويت، وجميعهم من المتخصصين في علوم المال والاقتصاد، وثيقة حملت عنوان "قبل فوات الأوان"، شرحوا فيها خطورة اختلال الوضع الاقتصادي الحالي والمالية العامة، بالإضافة إلى اختلال آلية سوق العمل والتركيبة السكانية وضعف النظام التعليمي، مما سيؤدي إلى استنزاف المورد المالي الوحيد للدولة، كما بينوا كيف يتم إصلاح هذه الاختلالات باقتراحات مالية واقتصادية واضحة جلية. وشخصياً شعرت بسعادة غامرة لأن هذه الوثيقة أكدت صحة كثير مما كنت أدعو إليه في القضايا المالية طوال السنوات التي قضيتها في مجلس الأمة وحتى اليوم. والجدير بالذكر أيضاً أن هؤلاء الأساتذة ينحدرون من عدة مشارب وتوجهات كويتية، وليسوا من اتجاه أو طبقة اجتماعية واحدة، ويحملون أعلى الدرجات العلمية في تخصصهم، لذلك كان تشخيصهم للوضع الاقتصادي والمالي احترافياً علمياً خالصاً لمصلحة الكويت، فلم يخضع لتوجهات سياسية أو هوى أو ميل معين. والملاحظ أيضاً أن أغلب ما جاء في الوثيقة يتطابق مع الدراسات السابقة التي قامت بها لجنة إصلاح المسار الاقتصادي واللجنة الاستشارية الاقتصادية العليا التي كنت أحد أعضائها، وتقارير الشال لجاسم السعدون ووزارة التخطيط وغيرها من الدراسات التي قام بها كويتيون وأجانب، وكان مصيرها للأسف الإهمال وعدم التطبيق، وأيضاً هذه الوثيقة تتفق مع البيانات المهمة التي نشرتها مجموعة الـ26 فأصابها ما أصابها من الأذى والتجريح للأسف. لذلك يحق لنا أن نسأل متخذي القرار في الحكومة القادمة والأعضاء الجدد بعد أن قرع أبناؤهم وإخوانهم في الجامعة جرس الإنذار: ماذا تريدون بعد كل هذه الدراسات والبحوث والوثائق لكي تتخذوا القرارات المناسبة لإنقاذ مستقبل الاقتصاد الكويتي ومستقبل الأبناء والأجيال القادمة؟ اليوم على متخذي القرار في البلاد والإخوة الأعضاء الجدد الانصراف عن الاقتراحات والمشاريع الشعبوية الضارة ونصائح وآراء غير المتخصصين، والالتفات إلى الاقتراحات والقرارات التي تبني مستقبلاً أفضل بناء على الأسس العلمية التي تم وضعها في الوثيقة، ويكفي دغدغة المشاعر من أجل مكاسب مؤقتة نهايتها ستكون مؤلمة، فلم يعد هناك مزيد من الوقت.
مشاركة :