سوريا والعرب بين مكر إيران ومقامرة الغرب | وائل مرزا

  • 8/23/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إيران تبيعُ هذه الأيام في كل مكان، تدفعُ هنا وتُخفض السعر هناك لأنها، ببساطة، تريد أن تقبض في موقع الجائزة الكبرى: سوريا. يتفنن التاجر الإيراني باستعراض مهاراته بعد جرعة الثقة التي اكتسبها إثر توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، والشرق طبعاً. ثمة لذةٌ عنده في اللعب مع.. الشيطان الأكبر، لاتضاهيها لذةٌ أخرى. واليوم، لايُفوت التاجر فرصة ليُثبت لـ (الشيطان) تحديداً أنه عند حُسنِ ظنه فيه، ويُعطيه أوراقاً تُمكنه من تأكيد صوابية الاتفاق. أوراق للداخل الأميركي تُسهل مصادقة الكونغرس على الاتفاق، وأخرى للعالم، تساهم في التسويق لفتح أبوابه الاقتصادية، وجلب استثماراته المالية ومعارفه التقنية. تعرض إيران في هذه المرحلة بضاعتها بكل أنواعها، حتى (الرمزية) منها، لأنها تعرف درجة الكمون في قوة (التأويل) عندما يتعلق الأمر بمثل هذه البضاعة. هكذا، يزور وزير الخارجية الإيراني بيروت، ليؤكد الهيمنة الإيرانية على لبنان وشؤونه من قضية الرئاسة إلى مشكلة النفايات، وهي أمورٌ لم تعد تؤرق الغرب المُتفاهِم والمُتفهِّم؛ ويمتنع عن زيارة ضريح عماد مغنية، في رسالةٍ، رخيصة، ولكن صارخة الدلالات لأميركا، تتعلق باحترام قوائمها المتعلقة بالإرهاب. لاتفهم إيران اللعبة جيداً فقط، ولاتتفنن في الحركة وفق قوانينها فقط، بل وتحاول الإبداع في ممارستها كما يحصلُ اليوم في العراق على سبيل المثال. ففجأةً، يشرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي (حليب السباع) ويُصدر قرارات إصلاحية سياسية وإدارية هي أقرب للانقلاب، يستحيل تمريرها بدون ضوءٍ إيراني أخضر. تدرك إيران أن القرار النهائي سيبقى في يدها داخل العراق سياسياً وعسكرياً، وتدركُ أن الغرب يعرف تلك الحقيقة. هكذا، يتم احتساب الإصلاحات في العراق كإنجازٍ إيرانيٍ خالص، يزيد من رصيد إيران، ويُثبت قدرتها، ليس فقط على (الاندماج)، بل وعلى تنظيم أمور المنطقة، أو، بكلامٍ أقرب للدقة، مايهم الغربَ فيها. والمؤكد أن سوريا، ومايجري فيها من مآسٍ إنسانية على الأقل، لاتدخل في ذلك الإطار. على العكس من ذلك. بينما تُخطط إيران لإحكام قبضتها على سوريا، لايزال النظام الدولي يتعامل مع الموضوع السوري بمزيجٍ من الخبث والوقاحة. إذ تبدو عينهُ، التي لم تغفل عما فعلته (داعش) بالأقليات في سوريا، عمياء كلياً عن المذابح التي يرتكبها النظام في حق السوريين (هل نقول الأغلبية؟). فوق هذا. تتكامل، بهدوءٍ وتدرج، عملية الحصار الدبلوماسي الدولي الذي سيُواجهُ به السوريون عما قريب، عبر خطة ديمستورا التي يبدو أنها ستُصبح المسار البديل لمسار (جنيف)، والأرجح أن تزيدَ الفوضى في المنطقة. ولكن، لامشكلة لدى الغرب في أن يلعب بالنار، مادام اشتعالها سيكون بعيداً عنه. بل إنه مقامرٌ بطبعه، وليس غريباً أن تتكرر تجربته مع هتلر، فيأخذ نفسَهُ والعالم إلى الهاوية. صحيحٌ أن إيران تركز، في هذه المرحلة، على أن تقبض ثمن بضاعتها في سوريا تحديداً، لكن رهانها الكبير معروف، وطموحها الاستراتيجي لايخفى على أحد، والفوز بسوريا أخطرُ خطوةٍ لتحقيق ذلك الطموح. وقد يكون من سوء حظها، وحُسن حظ العرب، كشفُ خلية حزب الله في الكويت، بمخزون من السلاح والعتاد يوحي بأنه لتجهيز جيش صغير أكثر منه للقيام بعملية هنا وأخرى هناك! ماالذي كان يُحاك للكويت (المحايدة)؟ ماذا تُخبىء إيران، إذاً، في دول الخليج الأخرى مما لم يُكتشف حتى الآن؟ هل تَحسم هذه الواقعة حيرة بعض العرب وترددهم فيما يتعلق بإيران، ومايمكن أن تفعلهُ بهم إذا سقط السد السوري في وجه جحافلها؟ أسئلةٌ كبيرة تحتاج إلى جديةٍ في التفكير وحسمٍ في القرار. waelmerza@hotmail.com

مشاركة :