إهمال مـخاطبة الآخرين بتقدير واحترام، أحد علامات نقص الوعي المرتبط بالتواصل الاجتماعي، وإشارة إلى قصور التربية السليمة وانخفاض الذوق العام لدى كثير من الناس. ومن الأمثلة على ذلك، استمراء بعض الأفراد مناداة غيرهم بكلمات مُستهجَـنة مثل: «هيه» أو «يا ولد»، أو بأسماء معروفة مثل «مـحمد» إمّا لجهلهم بأسمائهم الحقيقية أو «تجاهلهم»، أو كلزمة في أفواههم مثل: «رفيق» أو «صديق»، يصيحون بها على أُناس لهم احترامهم مثل: العامل، والخادم، وسائق السيارة، والموظف المسؤول. وأرى أن فرط استخدام «يا مـحمد» في المناداة على أحدهم، فيه ابتذال لهذا الاسم الكريم، وميول لتجاهل معرفة اسم الشخص المُنادى، فضلا عن مكانته الاجتماعية، كما أن المناداة بـما لا يليق ذوقيًا على الإنسان، الذي خلقه الله في أحسن تقويم، بغض النظر عن مكانته الاجتماعية، أسلوب فظّ وسلوك غير حضاري، ومأخذ من المآخذ السلوكية، وتفريط في التقدير الشخصي، تعكس ثقافة الشخص وأسلوب حياته ومرجعيته التربوية. من الـمُتعارف عليه أن اللغة الحضارية للمناداة تفرضُ نوعًا من اللباقة في الحديث، وخطاب الآخرين بأحب الأسماء إليهم، وتحرّي الجميل من كُناهم لإدخال السرور على نفوسهم، والإشارة إليهم بما يدل على التقدير مثل: أخ أو أخت أو آنسة أو زميل أو أستاذ، أو سيد، أو مدام، أو أبوفلان، أو أم فلان، وغير ذلك من اصطلاحات النداء والتخاطب الراقي، كما في قصة الرجلين اللذيْن حلّ الرسول الكريم لهما اسم «الـمُـكرَمان» مـحلّ «الـمُهانان»، في إشارة إلى إمكانية فتح القلوب بـحسن المقال. وتبـرز أهمية هذا الموضوع في وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، حيث يتحاور كثيرون من خلف الشاشات دون معرفة مُسبقة بأسـماء أو مرجعيات بعضهم الثقافية والاجتماعية، لـمحاولة إشاعة القبول والارتياح وتبادل وجهات النظر بشكل مُـحبب ومريح، يعكس مسؤولية الأسرة في التربية الكريـمة، والتوعية بأساليب الذوق والتعامل الحضاري، التي تـجاهلها كثير من الناس، إضافة إلى مسؤولية الإعلام والتعليم في تصحيح الممارسات الاجتماعية السلبية، ونشر ثقافة «الإيتيكيت» الإسلامي، حفاظا على كرامة ومشاعر الإنسان ونشرا للألفة والمودة والمحبة، فكما جاء في الحديث الشريف: «ثلاثٌ يصفين لك ودّ أخيك: تُـسلّم عليه إذا لقيـتـه، وتوسّع له في الـمجلس، وتدعوهُ بأحبّ الأسـماءِ إليه». abkrayem@gmail.com
مشاركة :