كيف نؤسس لجيل جديد؟ - هاشم عبده هاشم

  • 9/1/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

•• يكثر الحديث عن المناهج الدراسية وضرورة إدخال تغييرات جذرية عليها.. •• لكن أحداً لم يقل ما هي طبيعة تلك التغييرات المطلوبة؟ •• وما حدث – حتى الآن – في هذا الصدد.. كان بعيداً عن الأهداف الحقيقية المنشودة.. وفي مقدمتها هدف تحرير العقل الإنساني من "الانغلاق" و"النمطية" و"العجز" في التأمل والتفكير واستخدامه في خدمة البشرية.. وفي الحوار.. وفي إدراك أسرار الكون على حقيقتها.. واستغلال الطاقات الهائلة التي وهبها الله للإنسان.. وأنعم عليه بها وطالبه بالتفكر فيها والإضافة إليها.. •• وإذا نحن أدركنا مدى الأخطار التي تتعرض لها الأوطان في الوقت الراهن.. ومنها خطر الانحرافات الفكرية الشديدة التعقيد التي رافقت ظهور تنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش أخيراً.. وحروب غسل المخ التي يتعرض لها صغار أبنائنا وبناتنا ممن هم في سن العشرين فما دون.. أو قد تزيد قليلاً فإننا سندرك أهمية التغيير الذي يتوجب إحداثه لحماية عقول الشباب منذ مراحل دراستهم المبكرة (الابتدائية والمتوسطة والثانوية) تحصيناً لهم ضد التطرف والتشدد الذي يعصف بمجتمعاتنا ويكاد يحولها إلى بؤر مسكونة بكل ضلالات الدنيا.. بعيداً عن عقيدة السماء الصافية والسمحة والمحرضة للإنسان على التفكر وإعمال العقل وحفظ النوع البشري وإعمار الكون.. •• وما يحدث الآن من هوس فكري.. هو النزوع إلى العنف وقتل الأبرياء وتدمير الأوطان وإلى "كهنوتية" مقيتة لا تمت بصلة إلى دين الله الحق.. ولا إلى القيم الإنسانية التي تحض على حب الحياة.. وسماحة التفكير.. وإنسانية التعامل.. بعد أن تدخلت السياسة.. وفرضت نمطاً كريهاً من ضرب أبناء هذه الأمة ببعضهم البعض.. بإثارة الفتن في أوساطنا.. وشغلنا بأنفسنا.. وإراحة أعدائنا منا.. •• لذلك كله أرى التركيز بصورة أساسية على المرحلة الابتدائية في مدارسنا.. تحصيناً للأجيال القادمة من هذا الفكر المشحون بالأحقاد والكراهات.. •• وهذا التركيز يقتضي اختيار معلمين على درجة كبيرة من الوعي والخبرة والإلمام بثوابت الشريعة الإسلامية الخالدة.. ليس فقط بالنسبة لمعلمي المواد الدينية وإنما بالنسبة لكل مرب يختار لهذه المهنة ويتقلد مسؤولية بناء الأجيال.. •• أُطالب بهذا لأن الدفع بخريجي الجامعات إلى مدارس المرحلة الابتدائية بسنهم الصغيرة وخبرتهم المحدودة.. وسطحية الكثيرين منهم وبساطة تفكيره.. كان سبباً رئيسياً في تردي العملية التعليمية في هذه المرحلة رغم خطورتها.. •• يرد بعد هذه الخطوة.. ضمان توفر أسس ومبادئ التربية الحديثة وتحريك عقل الإنسان.. بإدخال وسائل الإيضاح الحديثة إلى العملية التعليمية لاستثمار كل الحواس بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين.. وذلك أنه في حالة توفر أجهزته.. ومعامله.. ومختبراته.. وتقنياته العالية.. سوف يحدث نقلة نوعية في نقل المعرفة إلى العقول الصغيرة.. وفي استثمار القدرات الخاصة في الإنسان وتطوير المواهب بعد اكتشافها. •• أما عملية التدريس فإنها لا بد وأن تتحول من الاعتماد على المقررات المطبوعة إلى استخدام التقنية بأشكالها المختلفة واستغلال الحواس في الوصول إلى المعلومة من خلالها، وفي التفكير فيها وتحليلها في داخل المدرسة وأثناء عملية التدريس نفسها.. بعد أن نكون قد استبعدنا من تلك المناهج كلّ ما يثير العداوة والكراهية والاقصاء بين بني البشر.. باعتبار أننا جميعاً مخلوقات الله.. وأن ما أنزله علينا من كتب مقدسة تعود إليه سبحانه وتعالى.. وأن من كلفهم بأداء أمانة ايصال الرسالة من أنبيائه هم من اختارهم لأداء هذه المهمة العظيمة منذ قيام الكون وحتى يكتب الله أمراً كان مفعولا.. •• وذلك كله يتطلب.. تغييراً جوهرياً في التوصيف لوظيفة معلم.. وفي شروط الالتحاق بهذه المهنة.. وفي مستوى التأهيل المطلوب لأداء هذه المهنة العظيمة.. وقبل هذا وذاك توفر عنصر السن المتقدمة والخبرة الكافية ونضج التفكير.. •• وبدون هذا فإنه لا قيمة لأي تغيير يتم في سلالم العملية التعليمية ولا في طريقة أدائها.. •• وعلينا أن ندرك أن المهمة من الصعوبة بمكان.. لأنها تتعلق بإعادة صياغة تفكير الإنسان.. حصولاً على أجيال قادرة على الحياة وإعمار الكون وليس هدمه.. ضمير مستتر : •• التفكير في الأجيال الجديدة.. لا يعني التوقف عن معالجة الاختلالات التي يعاني منها الجيل الحالي.. وإن كان الهدف في النهاية هو التحصين للجميع..

مشاركة :