الغريب أن لا تكون أنت - نجوى هاشم

  • 11/19/2013
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

يدخل أحدهم إليك من أبواب كثيرة رغم أنها مغلقة، ورغم أنك لم تسعَ لتسهيل دخوله، وآخر تشرع أمامه كل النوافذ والأبواب، ومع ذلك، لا يستطيع أن يدخل، ولا أنت بامكانك أن تمنحه دخولاً قسرياً لك وليس له. دخل الأول بسبب ما قال رغم أنك لو توقفت أمام ما قاله لوجدت أنه لم يقل شيئاً! والآخر قال كل شيء، ولكنه أحرق النتائج بسبب ما قال وفعل.. هي قاعدة لا تتغير، ولا يمكن تعديلها. قاعدة أن تكون على طبيعتك، أو من الأفضل، أن تكون على طبيعتك، ليس فقط من أجل أن تصل إلى الآخر، ولكن لأن الشخص الذي ينتمي لطبيعته يكون واضحاً ومميزاً وصادقاً ومؤثراً في غيره. يقول ابسن (ما الواجب الأول للإنسان؟ أن يكون على طبيعته) هذه الطبيعة هي انعكاس أشعة الشمس الداخلية للإنسان، وهي الفكر والخلاصة لتفاصيل حياته، وهي منظومة قائمة بذاتها، لا يحتاج من خلالها التفتيش عن حقائق أو مقاييس، يستطيع من خلالها التقييم، أو التوقف. تعرف نفسك هذا هو الأهم يعرفك الناس ليس هو الأهم ستصل إليهم ولكن من خلال ملامستك لنفسك والرضا عنها، والانطلاق من فهمك الصحيح لها. إذا عرفت نفسك، فلن يجهلك أحدهم، أو كلهم.. لك ان تختار قاعدة الصمت ليس احتجاجاً، ولكن كطبيعة نفس اعتدتها ولن يغضب أحد، لأنها طبيعتك، ولأنك ترسم لوحة جميلة من صنعك. تعرف نفسك كما أنت بفوضاها وهي أحياناً حقيقتك، بهدوئها وهي أيضاً قد تكون حقيقتك، تتوسدها بحلمها، بألمها، ببساطتها، بعقدها وفي المحصلة أنت نفسك لن تكون غيرها. كن طبيعياً أو أنت ذلك الشخص الطبيعي الذي وجد نفسه. نحن لا ننفصل عن طبيعتنا، ليس لأنها المنفى الشخصي لنا، ولكن لأننا لا يمكن أن نعيد اختراع أنفسنا من أجل الآخرين، أو نتعامل بصورة تتنافى مع طبيعتنا. ولكن هذه الطبيعة التي لا ترفع راية الظهور المباشر، ولا صيرورة الخضوع قد تدفع بصاحبها إلى حيز ضيق أحياناً كون الناس في الغالب لا يحبون الطبيعي والحقيقي، والإنسان البسيط، لا يحبون الصادق أو ذلك الذي يتصرف كما يقال على طبيعته محكوماً بصدق اللحظة، وبقلبه وبعقله، مثل هؤلاء حتى عندما تعانده الأيام، أو يصطدم بجبل تجده يقول تصرفت على طبيعتي، وليس بإمكاني أن أتغير، مصداقيته هي التي تقوده وتحكمه وتريحه في نفس الوقت. ولكنها أيضاً لا تعجب الآخرين. الناس لا تريد الذكي عندما يتصرف على طبيعته، ويعتبرونه يزايد عليهم ولا يحبون الغبي ويكرهونه، لأنه لا يبدد ذوقهم، وفي كلتا الحالتين يريدون العكس من يتغابى ومن يتذاكى، وكلاهما غير قادرين. لا تكن متوسداً طبيعتك، ومن أجلهم تتوسد طبيعتهم، فقط دع نورك يشرق كما اعتدت ليس مهماً أين؟ فقط دع ذلك النور النابع من داخلك يغير ما حولك ولا تغطّه بمحاولتك التغير، أو تكون صالحاً للآخر على حساب نفسك. وأخيراً لو أيقنت أن تعرف نفسك جيداً لن يعود لديك خوف، وكما يقال أعظم شيء في العالم أن تكون أنت ونفسك وطبيعتك قضية واحدة ترسل من خلالها رسائلك إلى الحياة فقط في منحه يومية ومجانية تصنع من خلالها السلم الداخلي لنفسك والذي لا أحد باستطاعته أن يصنعه لك!

مشاركة :