ما أشبه اليوم بالبارحة، لكل ذي لب رشيد، في انكشاف الدور الغربي -يومًا بعد يوم- في جرائم الإبادة الإنسانية للشعب السوري على مدى الخمس السنوات الماضية بأيدي نظامه الآثم، بالسكوت عنها، وعدم الجدية في حماية السوريين، فقد أخذ «المجتمع الدولي» موقف المتفرج الصامت إزاء قتل النظام السوري المجرم لآلاف الأطفال والنساء والرجال لا لشيء سوى لأنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. كما يقوم النظام النصيري بتدمير البنية التحتية لسوريا وتهجير زهاء 5- 6 ملايين سوري داخل البلاد وخارجها، تمهيدًا لتوطين أتباع الملالي وميليشياتها المقاتلة في سوريا بدلًا من شعبها. النوايا الإحلالية عند نظام الأسد المجرم ليست وليدة اللحظة، فقد تناولت وسائل الإعلام منذ عام 2013م أخبارًا عن قيام بشار باتخاذ قرار بمنح الجنسية السورية للآلاف من أتباع إيران من العراق ولبنان، حيث لُوحظ الانتشار المتزايد لهؤلاء في قلب دمشق. اليوم ينكشف القناع عن الدور الأوروبي الذي يمكن اعتباره شريكًا في الجرم، بسبب تمنعه بشتى الذرائع عن إيقاف شلالات الدم السوري والهدم المتواصل والتهجير، كما فعلوا من قبل في البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي لمنع قيام دولة مسلمة في قلب أوروبا. أما حرص الغرب على إخراج السوريين من ديارهم وتوطينهم في أوروبا، فهو محاولة لتدارك التركيبة السكانية الشائخة للعديد من دولها؛ بسبب انصراف الأجيال الأوروبية لما بعد الحرب العالمية الثانية إلى الأنانية الشخصية، والانكباب على ملذات الحياة، وعدم الاكتراث بإنجاب الأطفال، وتريد أوروبا اليوم تطعيم تركيبتها الديموغرافية بالدماء الشابة السورية، حيث لم يعد ممكنًا منع شيخوختها ضمن إطار زمني قريب أو ربما حتى بعيد. ولكي نفهم «مصلحة» الولايات المتحدة فيما هو جارٍ من تغيّرات ديموغرافية متعمّدة في المنطقة، لابد من التعرف على تموضعها الاستراتيجي الجديد، فأمريكا تستعد حاليًا لصدام قادم شبه محتوم، بسبب الصراعات الاقتصادية مع الكتلة الشرقية، والتي يمثلها الحلف الصيني الروسي، على العملات الإستراتيجية والتنافس الاقتصادي، ومكانة الدولار، وتود أن تترك منطقة الشرق الأوسط الجديد وقد عمّتها «الفوضى الخلاقة»، وانتشرت فيها الحرائق، واستعرت فيها نيران الاقتتال بين شعوبها بعضها البعض، وقد تفتتت دولها إلى دويلات متناحرة، وهو ما بشّرت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، لكن ليس قبل أن تضمن أمن حليفتها الأهم إسرائيل، ولا يكون ذلك إلا بالتعاون مع حليفتها الأكبر في المنطقة إيران، والتي عقدت معها صفقة تاريخية من خلال الملف النووي الإيراني، في مقابل دعم إيران لإسرائيل، للبقاء والهيمنة على الدويلات العربية الناتجة عن تلك السياسة.. الأمر جلل، وعلينا الركون إلى الله أولًا ثم إلى أنفسنا.. اللهم احفظ المسلمين وبلاد المسلمين من كل شر.
مشاركة :