إذا كان الـ(10 من ديسمبر عام 1948م) قد شهد في باريس ظهور أولَ بَيَانٍ عالمي لحقوق الإنسان، ذاك الذي اعتمدته الأمم المتحدة بالإجماع، فأصبح ضابطًا دوليًّا لحقوق الإنسان؛ فإنّ (حجّة الوداع)، وقبل ما يزيد على (1425 سنة)، قد صادَقَت على أوّل وأشمل وأصدق وثيقة لحقوق كلِّ مَن يعيشون على هذه الأرض! تلك الوثيقة التي أطلقها رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام، وتميّزت بالعُمق والتوازن، كانت شاملةً لحق الإنسان (ذكَرًا أو أنثى) بحياة كريمة، فيها تُحْفَظُ نَفْسه، ودماؤه، وعِرْضه، ومَاله! وفيها كذلك التأكيد على العَدَالَة والمساواة بين الناس جميعًا، على اختلاف أعراقهم، وانتماءاتهم، وألسنتهم، وأديانهم، ومرجعياتهم الثقافية، ومنحهم الحرية المنضبطة بكافة تفاصيلها، التي لا تتعارض مع القِيَم وحُرّيات الآخرين! وكذا اشتملت تلكم الوثيقة على تنظيم العلاقات الإنسانية، بما فيها علاقة المسلمين بغيرهم على قاعدة من العَدل والتسامح والتعايش! (خطبة الوداع) التي جاءت ضمن مفردات الحجّة الوحيدة لِـ(نَبيّنا عليه الصلاة والسلام) تسكن الذاكرة البشرية، وتتجدّد مشاهدها الإيمانية ومعانيها السَّامية في موسِم الحَجّ السنوي؛ فيها (بيان الإسلام الواضح والوافي لحقوق الإنسان)، وفيه باختصار عناوين ومسارات الخير والسّلام والأمان، بشتّى صوره للعَالَم أجمع؛ مع مبادئ وضمانات التطبيق، فما أحوج المسلمين للعودة لذلك البيان والالتزام بمبادئه، لكي يعيشوا في أَمْن روحي وفكري وَحَيَاتِي؛ بعيدًا عن الصراعات والحروب والفساد، والظلم والجوع والجهل، ونيران التطرّف والطائفية! وأيضًا وفي ظِل حملات التشويه التي تطال الإسلام؛ مِن بعض أولئك الذين ينتسبون له (وهو منهم براء)، أو مِن أعدائه الذين يربطونه زورًا وبهتانًا بالإرهاب؛ وللتأكيد على إنسانيته وعدالته ووسطيته فالواقع يفرض تسويق ذلك البيان ونشر مبادئه وقِيَمه بمختلف اللغات والوسائل الحديثة، لِتَصِلَ للدنيا كلها، فهل تتبنى ذلك المؤسسات والمنظمات المعنية في العالم الإسلامي؟! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :