في ظل الصراعات والتحولات التي تشهدها المنطقة نحمد الله تعالى أن (جَيْشنَا) يمتلك الشجاعة والقدرة على حماية حدودنا، وفي العمق الداخلي تحقق أجهزتنا الأمنية نجاحات كبيرة في حماية الوطن، وتجفيف منابع الجريمة، وتمزيق خلايا الإرهاب، حتى أصبحت تجربتها في هذا المجال مدرسة تُفِيْد منها الدّول العظمى. ولكن الخطر الأكبر الذي يهدد بلادنا يأتي من (الهجمات الاجتماعية والفكرية) التي تحاول بشتى الوسائل زعزعة وحدتنا، واختطاف شبابِنا. ويأتي في صدارة تلك الهجمات الموجهة (فِكر الإرهاب) الذي تسعى جماعاته المتطرفة جاهدة على اختلاف مسمياتها لاستقطاب أبنائنا، وأَسْرِ عقولهم، ثم نقلهم للخارج؛ ليكونوا وقوداً لها في مناطق صراعاتها في دول شتى، أو زرعهم قنابل موقوتة تطعن وطنهم؛ وتوالي قوائم المطلوبين التي تعلن عنها وزارة الداخلية –مشكورة- يؤكد بأن الخطوات المتبعة حتى الآن لحماية ناشئتنا فكرياً -مع تقديرها- تبدو غير كافية لزراعة الحصانَة الذاتية في نفوسهم من موجات الإرهاب، وغيره من الانحرافات الفكرية. وهناك تلك الحرب التي ينشط جنودها لمحاولة تَفْتِيْت مجتمعنا من خلال التكريس لبعض الدعوات والأصوات الطائفية والمناطقية والقَبَلِيّة، وحتى الرياضية، إلى غير ذلك من العَصَبِيّات، والهدف واحد زعزعة استقرار هذا المجتمع. أيضاً هناك المخدرات التي رغم الجهود الأمنية، إلا أن مَروجيها مازالوا يصلون لأبنائنا، ويسيطرون على عقولهم، ولاسيما عبر المنتديات ومواقع التواصل الحديثة. ولأنّ (الأمْنَيْن المجتمعي والفكري) من أهم ركائز ومقومات بناء المجتمعات الإنسانية الحديثة، وتوفير البيئة الآمنة والصحية للعمل والتنمية المستدامَة، وفي ظل تلك (المخاطر الفكرية) التي تتربص بنا أرى أهمية إنشاء هيئة متخصصة لـ(الأمن الفكري) تكون مهمتها توحيد الجهود التي تُبْذل في هذا الميدان من مختلف المؤسسات وتنسيقها. ومن مهام تلك الهيئة إدارة مَلَفّات الأزمات الفكرية المختلفة، وكذا استشراف المستقبل، وعواصفه القادمة، ووضع الخطط والبرامج التي تكفل مواجهتها، فما أتمناه سرعَة إنشاء تلك الهيئة التي ينادي بها الواقع، وينشدها المستقبل! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :