تعريف السجناء عند الفطناء! | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 9/30/2016
  • 00:00
  • 45
  • 0
  • 0
news-picture

السّجُونُ حَول العَالَم أَنوَاعٌ، مِنهَا أَنْ تُسْجَنَ دَاخل غُرفَة، أَو فِي عَنبرٍ، أَو فِي زنزَانَةٍ مُنفردَةٍ، وهَذا سِجنٌ مَحسُوسٌ، مَعروفٌ لِلكافَّةِ، وقَد يَدخله الإنسَانُ بسَبَب جَريمةٍ، أَو دَيْنٍ، وقَد يَدخله مَظلومًا، ولذَلك قَال إخوَاننا المِصريُّون في أَمثَالهم: «يَا مَا فِي السِّجنِ مَظالِيم»..! فِي هَذه الكِتَابةِ، لَستُ بصَدَد الحَديث عَن هَذه السّجُون المَحسُوسَة، ولَكنِّي سأَتحدَّثُ عَن السّجُون المَعنويَّة، تِلك السّجُون التي يَدخلها الإنسَان بمَحضِِ إرَادتهِ، وأَقرَبها إلَى الذِّهن -سَاعة كِتَابة هَذه المَقَالَة- سجُون الأفكَار، ولَابدَّ هُنَا أَن أَبسُطَ الفِكرة وأُبسِّطهَا للقَارئاتِ قَبل القُرَّاء، وأَقول: هُنَاك مَن تَسكنه فِكرة المُؤَامرة، وإذَا سَكَنَت رَأسه سَكنَ هو أَيضًا فِيهَا، وكَأنَّهما يَتبَادَلان الأدوَار، ومِثل هَذا الشَّخص سيَكون -بِلَاشَك- سَجين فِكرة التَّآمُر، وسيُفسِّر أَيَّ حَادثةٍ تَقع وفق الفِكرة؛ التي هو سَجين بدَاخلها، وهي فِكرة التَّآمُر..! لقَد تَحدَّث وكَتَب -بكُلِّ دِقَّةٍ وعِنَايةٍ- مُفكِّرُنا الكَبير «مصطفى صادق الرَّافعي»؛ فِي كِتَابه «وَحي القَلَم» قَائلاً: (أَشَدُّ سجُونِ الحيَاةِ فِكرَةٌ خَائِبَةٌ، يُسجَنُ الحَيُّ فِيهَا، لَا هو مُستطيعٌ أَنْ يَدعَهَا، ولَا هُو قَادرٌ أَنْ يُحقِّقَهَا، فهَذا يَمتَدُّ شَقاؤهُ مَا يَمتَدُّ، ولَا يَزَالُ كَأنَّهُ عَلى أوَّلِهِ، لَا يَتقدَّمُ إلَى نِهَايَةٍ، ويَتألَّمُ مَا يَتألَّمُ، ولَا تَزالُ تُشعرهُ الحيَاةُ أَنَّ كُلَّ مَا فَاتَ مِن العَذَابِ؛ إنَّما هُو بدءُ العَذَابِ)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أَنْ نَقولَ: أيُّها النَّاسُ، لقَد خَلقكم اللهُ أَحرَارًا، فلَا تَجعلوا الأفكَارَ تُعيدُكم إلَى القيُودِ المَعرفيَّةِ، والكَلبشَاتِ الفِكريَّةِ، والزِّنزَانَاتِ الثَّقَافيَّةِ، فاكسرُوا القيُودَ، وحَطِّموا الزِّنزَانَاتِ لتَحريرِ أَنفسِكُم..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :