اسم الزوجة سيري هاوستفيت، وزوجها بول أوستر، والزوجة روائية وبروفيسورة جامعية، بينما الزوج كاتب ومنتج أفلام، ورغم أن اسم سيري مهم ثقافياً وأكاديمياً، وتملك من خصائص التفوق والتميز درجات عليا في التصور العام، لكنها تظل زوجة. فهي زوجة بول أوستر، وكلما ورد اسمها مع زوجها قرنا بصفة أن سيري زوجة بول، في حين أن زوجها لا يوصف وقت التقديم بأنه زوج سيري، وهذا امتحان ثقافي حاد وخطير، فالمرأة مهما تملكت من خصائص التفوق إبداعاً وتأهيلاً أكاديمياً عالياً، فإنها تظل وقت المقارنة مع الرجل في موقع التبعية وحين سألوها في لقاء تلفزيوني عن هذه المفارقة، وهل تتصور أن يعرف الناس زوجها بأنه زوج الروائية سيري، راحت تتذكر المواقف التي مرت عليها حين اقتران اسميهما، حيث تتم نسبتها إليه ولم يحدث قط أن نسبوا زوجها إليها وكأن هذا هو الأصل الذي يحال إليه وهي فرع يرتبط به، وأحالت ذلك إلى العلة الثقافية، فالثقافة ترى المرأة تابعةً ويجب أن تضاف للرجل كلما اقترن زوجان، وعززت ذلك بقولها إني أدرك أن هذا عقاب ثقافي لي لأني تطاولت على مقام الذكور، وتستمر حالات العقاب لتشمل نشاطها الأكاديمي، وقصتها مع محاضراتها على طلاب علم النفس بدعوة من الجامعة بما أن رواياتها فيها سبر للنفس البشرية وتقلباتها وأحست حينها أن الطلبة يعجبون بمقولاتها ومستخلصاتها العلمية، لكنهم لا يأخذون أفكارها مأخذاً علمياً لأنها لا تملك شهادة علمية في هذا التخصص مع أنها بروفيسورة في تخصص آخر، لكن الطلبة لا يهتمون لتخصصها الآخر، وإنما يفكرون حسب التصنيف الأكاديمي وتقاليد الجامعة بأن الشهادة التخصصية هي المرجع المعول عليه رغم علو مقام أفكارها مما جعل المؤسسة تستدعيها لمشاركة تفكيرها السيكولوجي مع طلاب علم النفس، وهنا تقف «سيري» على مفترق الطرق مرة أخرى بين تفوق ثقافي وآخر علمي تخصصي ومع هذا يذهب تفوقها بسبب تحديات الثقافة من جهة وتحديات التصنيف الأكاديمي من جهة أخرى، وتظل تنتسب لزوجها رغم أنها تمردت على التقاليد الغربية من حيث تحول الزوجة لاسم زوجها العائلي ولكنها تمسكت باسمها العائلي الذي لا يتصل باسم زوجها العائلي وبقيت باسمها العائلي الأصلي، وهذا يضيف سبباً آخر لأسباب العقاب الثقافي. وهذا مثال يحيل لدراسات تشير إلى نمط من العقاب الثقافي للنساء اللواتي يحاولن تجسير الهوة بين النساء والرجال وأثبتت الدراسة أن السائد المعلن هو تشجيع النساء على مواجهة التحدي والمنافسة مع الرجال، ولكن حين يفعلن ويحققن نجاحاتهن الخاصة يجري تنزيل رتبتهن وكأن ذلك عقوبةٌ على الطموح الذي حققنه وكأن التشجيع يضمر نقيضه وإذا نجحت المرأة في المنافسة تحول النجاح لعقوبة تلاحق النجاحات.
مشاركة :