عقد «مختبر الفلسفة والفكر النقدي»، مساء الأربعاء (26 يناير)، جلسته الحوارية الشهرية، متناولاً كتاب «الديمقراطية.. الإله الذي فشل»، لهانز هرمان هوبا، ترجمة إيمان معروف، وذلك في مقر «دار فراديس للنشر». وتناولت الجلسة المفهوم الرئيس الذي يطرحهُ الكتاب، والمتمثل في «معدل التفضيل الزمني»، والذي اقتبسهُ المؤلف من أحد مؤسسي المدرسة النسماوية، لودفيغ فون ميسيس، حيثُ الإنسان، حسب ميسيس وهوبا، مجبول على تفضيل الحاضر على المستقبل لإشباع الفورة على التأجيل، وعليه، كلما تصرف الإنسان وفق ما جبل عليه بالفطرة، ارتفع معدل التفضيل الزمني والعكس بالعكس. ولفت المشاركون في الجسلة، بأن هوبا يتساءل في هذا الكتاب عما إذا كانت الحضارة ناتجة عن خفض مُعدل التفضيل الزمني؟ إذ يجيب بالإيجاب، وهذا ما دعى المشاركين في الجلسة الفكرية لتفحص صحة هذه الفرضية، حيثُ اتفق المشاركون بأن موضوع الكتاب هو اقتصادي بالدرجة الأولى، وهو مرتبط نظرياً بما طرحته نظرية المنفعة الحدية كما جاءت عند آلفرد مارشال. وقد أكد بعض المشاركين بضرورة التفرقة بين النظرية الموضوعية للقيمة (كما نجدها عند سميث، وريكاردو، وماركس)، وبين النظرية الذاتية للقيمة (كما نجدها عند المدرسة النفعية والمنفعة الحدية). وبالتالي، تقع المدرسة النمساوية تحت التصنيف الأخير نظرياً. وأشار المشاركون، بأن هذه المدرسة نشأت على يد كارل مينغر، وهو الداعي لقياس القيمة من المنظور الذاتي، أيّ أن الإنسان هو من يُحدد قيمة الأشياء. ولما كان هوبا أحد مجددي المدرسة هذه، فإنه قد طبق نظريته حول مُعدل التفضيل الزمني على تاريخ الحضارة. فكلما تعاظمت الحضارة، كلما كان مُعدل التفضيل الزمني أقل والعكس بالعكس. وكان هذا الزعم الذي دفع بعض المشاركين للتساؤل ما إذا كانت الهوبية تدعو إلى نمذجة التاريخ بشكل ارتقائي وخطي وتطوري وفق منحنى التفضيل الزمني نفسه. وأشار المشاركون، بأن هوبا، بوصفه أحد مفكري الأناركية الرأسمالية، يرى بأن تدخل الحكومات في الحياة الاقتصادية يساهم في رفع مُعدل التفضيل الزمني للمجتمع، إذ تساهم الدولة بطبيعة الحال في إعادة توزيع المُلكية والحقوق (ومنها فرض الضرائب). وبالتالي، هذا ما يفسر تفضيله الأنظمة الملكية على الأنظمة الديموقراطية، إذ تقوم الأولى على حكم الأفراد حسب المصالح الملكية التي تمتد عبر زمان أطول بالضرورة، وهكذا تساهم في خفض مُعدل التفضيل الزمني.
مشاركة :