منذ سنوات قليلة مضت، كنتُ من أشدِّ المناصرين لدعم الصناعة الوطنية؛ باعتباره واجبًا أخلاقيًّا ووطنيًّا، ولأن القرش الذي يبقى داخل الوطن خيرٌ من الذي يخرج منه عابرًا للحدود. لكن كل ذلك باشتراط أن تكون الجودة مكافئة إلى حد معقول جودة المنتج الأجنبي المنافس. أمّا أن يُرهق جيب المواطن في سبيل بضاعة رديئة تستهلك ماله، وترفع من درجة ضغطه، وتصيبه بالخيبة، فذاك أمر غير مقبول ولا معقول. كنتُ أشتري بطارية السيارة المصنوعة محليًّا؛ مع أنها تحمل اسمًا أجنبيًّا أحيانًا، لكنّي وجدتُ بالتجربة أنّها تفسد بمجرد مرور عام الضمان عليها، فتضطر إلى استبدالها بجديدة أخرى! فعلتها أكثر من مرّة حتّى أقسمتُ ألاَّ أشتري إلاَّ بطارية يابانية، أو كورية الأصل والمنشأ، فارتحتُ وأرحتُ. القضية نفسها حدثت عندما اشتريتُ شفَّاط هواء لدورة المياه، سعودية الصناعة، فلم يزد عمره عن سنتين، في حين ابتعت شفاطات مماثلة يابانية الصنع منذ انتقالي إلى داري المتواضعة قبل 21 سنة، وما زالت تعمل حتى اليوم؟! وأمّا سخانات المياه المُصنَّعة وطنيًّا، فحدّث ولا حرج. لم يكن لها حل سوى الاستعانة بسخانات أمريكية مركزية، تُوضع على السطح، وتدوم من 7 إلى 8 سنوات قبل أن تقضي عليها كثرة الأملاح الموجودة في المياه، وحرارة الطقس، والشمس الساطعة! وحتّى المكيفات المحلية الصنع ليست بجودة الكوري، أو الياباني، ولا بمزاياها المتجددة المتفوّقة. ما السر في ذلك؟ هل هي الرغبة الجامحة في الثراء السريع التي تتملَّك المستثمر؟ هو يريد أن يبيع بأيّ ثمن، وبأسرع وقت كي يعيد استثماراته سريعًا، ويزيد عليها أرباحًا كثيرة، في حين هو يسيء إلى نفسه، ومنتجه؛ لأن الزبون مهما طال الزمن سيكتشف رداءة منتجه، وسيتحوَّل إلى غيره، وليكون شعار هذا العميل أو ذاك: التحوّل عن الوطني إلى غيره؟! وهذه مناشدة لوزير التجارة والصناعة، وهو الغيور على وطنه ومواطنه: ماذا تفعل الوزارة لضبط الجودة؟ هل تتشدَّد الوزارة مثلاً قبل منح التصاريح، وبدء الإنتاج؟ ثم تترك الحبل على الغارب ليُعاني المواطن من أمثالي، ولتُعاني الصناعة الوطنية لاحقًا من أمثال هؤلاء الذين لا يبالون إلاَّ بالمال الذي يجمعون، وبالرصيد الذي يملأون؟!. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :