تختار فرنسا رئيسها أو رئيستها يوم الاحد القادم بين متنافسين مارين لوبن (٥٤ سنة) زعيمة اليمين المتطرف رئيسة حزب التجمع الوطني والرئيس ايمانويل ماكرون (٤٤سنة)المرشح لولاية خمس سنوات إضافية لولايته الأولى. انتخاب هذا الاحد بالغ الأهمية لمصير فرنسا.. استطلاعات الرأي الأخيرة في فرنسا تشير الى احتمال فوز الرئيس المرشح ماكرون بـ٥٦ في المئة من الأصوات على مارين لوبن بـ ٤٤ في المئة . إلا أن جميع أوساط الرئيس المرشح واوساط لوبن يعتبرون أن الانتخاب ليس محسوما وأنه ينبغي الحذر من احتمال خطأ لاستطلاعات الرأي . فلا شك أن احتمال فوز لوبن اصبح واردا لان المرشحة اليمينية المتطرفة لم تعد تخيف بعض الفرنسيين مثل الماضي. فالمستائون من ولاية ماكرون كثر بين شباب وشابات الضواحي ويتهمونه بعدم الوفاء بوعوده لتحسين أوضاعهم المعيشية. فعدد مبير صوت إلى المرشح اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون الذي وصل ثالثا في الدورة الأولى مع ٢٢ في المئة من الأصوات، فكثر من بينهم سيصوتون ورقة بيضاء والبعض لوبن رغم ان ميلانشون دعا الى عدم إعطاء أي صوت لها، ولكن بينهم من يرى ان تجربة جديدة مع لوبن قد تكون افضل من ماكرون. وبعض الفرنسيين مازال على قناعة أن احتمال فوز لوبن بمثابة كارثة للجمهورية الفرنسية التي قد تتغير ملامحها اذا فازت. تصور لوبن إلى جمهور مستاء من ماكرون انها تغيرت وأصبحت اكثر اعتدالا رغم ان برنامجها ما زال مرتكزا على إغلاق الحدود الأوروبية أي الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي ورفض الهجرة ومنع الحجاب في جميع الأماكن العامة والتحالف مع روسيا بوتين. فواقع الحال أن احتمال فوز لوبن يمثل انقلابا في فرنسا، بعد أن أيدت في البداية الخروج من اليورو ومن الاتحاد الأوروبي تراجعت عن ذلك بعد أن لاحظت أن اغلبية الشعب الفرنسي تؤيد البقاء مع عملة أوروبية موحدة. تراجعت أيضا عن الخروج من أوروبا بالشكل ولكن مضمون برنامجها يقوم على مراجعة المعاهدات الأوروبية ما يناقض الدستور الأوروبي الموافق عليه من ٢٧ دولة فهي تريد مراجعة معاهدة شينغين مثلا للتأشيرات الأوروبية للمزيد من الاغلاق للأجانب. ووعدت الناخبين الفرنسيين بانها ستعمل لزيادة قوتهم الشرائية وزيادة رواتبهم، لكن برنامجها لا يمكن تمويله، قال في هذا الصدد الخبير الفرنسي جان تيرول الحائز على جائزة نوبل للأقتصاد ان ليس هناك تمويل لبرنامجها وان فرنسا ستزيد فقرا اذا انتخبت لوبن . حسب تيرول ادعت أن تمويل برنامجها يبلغ ٦٨ مليار يورو سنويا ما يمثل اقل بكثير مما سيكلف في الواقع لأنه تمويل من عائدات وهمية وقال إن ١٦ مليار يورو التي تدعي انها تريد اقتصادهم عبر إجراءات الهجرة لا تكلف شيء من المالية الوطنية لان الرسوم الاجتماعية المساهمة من الذين يعملون في فرنسا تساوي كلفة نظام الضمان الاجتماعي الفرنسي. كما ان اقتراحها بخفض سن التقاعد الى ٦٠ سنة وهو الآن ٦٢ سيفلس فرنسا . اما ماكرون وهو شديد التمسك بالاتحاد الأوروبي الذي يترأسه حاليا لقد وعد انه سيجعل البيئة من أولويات ولايته الثانية لتطوير الطاقة المتجددة مع الحرص على البقاء على الاعتماد على الطاقة النووية وتطويرها . وهو يرفض منع الحجاب في الجامعات والأماكن العامة ما عدا المدارس لأن القانون الفرنسي علماني وأن الشابات في الجامعات تصبح في سن يمكنها الاختيار اذا كانت تريد وضع الحجاب ام لا تريده. وولايته التي مضت رغم سنتي الكورونا وحاليا الحرب الروسية على أوكرانيا قد شهدت تراجع مهم في البطالة رغم التضخم وارتفاع أسعار النفط والغاز الآن الذي اثر على سعر الطاقة في فرنسا. وقد وعد ماكرون بتخفيض سعر الطاقة والضرائب على البنزين. وموقفه في حرب روسيا على أوكرانيا هو داعم للعقوبات الامريكية الأوروبية على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين . فهو اكثر الحاحا من زميله الألماني اولاف شولتز لجهة الحظر على امدادات الطاقة الروسية من الغاز والنفط، وقد بدأت أوروبا بوضع الحظر على الفحم ومن المتوقع ان تتبع تدريجيا بحظر النفط والغاز الروسي الى نهاية السنة. واحتمال فوز ماكرون بولاية ثانية قد ينقذ فرنسا من الانقلاب الذي يحصل إذا تولت لوبن الرئاسة ولكن لن يبعد الصعوبات الكبرى خصوصا إذا حصلت لوبن على ٤٤او ٤٥ في المئة من الأصوات . سيعني ذلك ان عدد كبير من الفرنسيين مستائين من الرئيس ماكرون وأن الإصلاحات التي يريد إدخالها ستؤدي الى إضرابات وشلل في البلد مثل كل مرة يتجرأ أي رئيس بإدخال إصلاحات، فولاية أخرى لماكرون تكون فرصة للرئيس الشاب ان يكمل ما أراد إنجازه وتعذر بسبب أزمة كورونا الصحية. ربما اذا فاز هذه المرة بامكانه ان ينفذها رغم مطبات عديدة قد يواجهها بعد أسبوع من مؤتمرات وتجمعات لكل من المرشحين مع انصارهما في كل انحاء فرنسا يتحضران مساء غد الاربعاء لمناظرة تلفزيونية حاسمة يحييها صحافيين تلفزيون نجمين في فرنسا ليا سلامة لقناة فرانسا ٢ وهي فرنسية لبنانية الأصل ابنة الوزير اللبناني السابق غسان سلامة وزميلها من القناة الفرنسية الأولى جيل بولو . وقد سبق لماكرون أن واجه لوبن في مناظرة رئاسية سابقة في ٢٠١٧ عندما فاز بالولاية الأولى من الرئاسة. ولكن الفارق في النقاط كان كبيرا حينئذ إذ إن لوبن كانت تخيف الفرنسيين . الآن تغير وضعها مع صعود يميني متطرف آخر ايريك زيمور الذي فشل في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية وحصل على ٧ في المئة من الأصوات ستجير اليها في الدورة الثانية ولكنه ساهم في اظهار صورة منافسته لوبن بأنها اهدأ وأقل خطورة منه ما مكنها من حصول ٢٣،١ في المئة من الأصوات مقابل ماكرون ٢٧،٨ في المئة في الدورة الأولى وكانت نسبة الامتناع مرتفعة الى ٢٦،٣١ في المئة من الناخبين .
مشاركة :