تدرس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في المجلس الوطني الاتحادي، مشروع قانون يتعلق بالرسوم القضائية أمام المحاكم الاتحادية، بعدما اعتمدته ضمن خطة عملها، وكلفت الأمانة العامة في المجلس الوطني بإجراء دراسة مقارنة لرسوم التقاضي في مسعى لأن يشكل القانون الجديد نقلة نوعية في تعزيز إجراءات التقاضي، حسب إفادة رئيس اللجنة، الشيخ محمد بن عبدالله النعيمي. استراتيجية حكومية طالبت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في المجلس الوطني الاتحادي، الجهات المعنية بمشروع القانون في الدولة، بإبداء آرائها وملاحظاتها ومقترحاتها في مناقشة بنود مشروع القانون، للاسترشاد بها خلال مناقشة أعضاء اللجنة لمشروع القانون خلال اجتماعاتها المقبلة. وحسب المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، فإن من أهداف استراتيجية الحكومة الاتحادية الارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدم لأفراد المجتمع، ومواكبة المتغيرات والتطورات، ولأن الرسوم القضائية ترتبط بشكل مباشر بالإجراءات أمام المحاكم. وقالت إنه مضى على تطبيق قانون الرسوم الحالي نحو 10 سنوات، وقد تبين أن هناك حاجة إلى إعادة النظر فيها في ضوء المستجدات والمتغيرات، كما أن الرسوم القضائية يجب أن تراعي عند إقرارها أو إعادة النظر فيها مبدأ سهولة الوصول إلى العدالة من جهة، والحد من التقاضي الكيدي أو التعسفي من جهة أخرى، لافتة إلى توازن التعديلات المقترحة والقواعد الجديدة في تحديد الرسوم القضائية بين هذين الموجبين. وأعرب مسؤولان في جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين عن ارتياحهما لمشروع القانون، لاسيما أنه سيضطلع بتيسير إجراءات التقاضي برسوم معقولة، ومنع القضايا الكيدية، أو التقليل منها، لافتين الى ضرورة أن تتناسب الرسوم الجديدة مع الخدمة المقدمة من المحاكم الاتحادية، خصوصاً أن الرسوم القضائية تغيرت على صعيد المحاكم المحلية في أبوظبي ودبي ورأس الخيمة، بينما ظلت ثابتة منذ نشأة المحاكم الاتحادية. وتفصيلاً، أبلغ الشيخ محمد بن عبدالله النعيمي الإمارات اليوم بأن القانون الحالي صدر في عام 2005، ويحتاج إلى إجراء تعديلات ليواكب التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهدته الدولة خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما سنجتمع بشأنه مع الجهات المعنية للوقوف على ملاحظاتهم. وقال إن اللجنة يهمها أن تستمع إلى آراء أهل الاختصاص، مثل جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، كونهم الأكثر قرباً من قطاع المحاكم، ولديهم اطلاع كامل على القانون الحالي، وإمكانات تطويره وتحديثه. وتابع: سنجري لقاء آخر مع وزارة العدل لمناقشة مواد القانون، والتعديلات المقترحة التي تخدم سير الإجراءات القضائية، وتضمن حقوق جميع الأطراف، ومن ثم تعد اللجنة البرلمانية تقريراً تفصيلياً للعرض على الجلسة العامة في المجلس الوطني الاتحادي، ومن المتوقع أن يحدث ذلك خلال فبراير المقبل. من جهته، أفاد مقرر اللجنة، جاسم عبدالله النقبي، وهو مستشار قانوني، بأن التقاضي حق مكفول للجميع في الإمارات، لكن في بعض الأحيان يستغل هذا الحق من قبل البعض في إساءة استخدامه ضد آخرين، على غرار الدعاوى الكيدية، لافتاً إلى إن القانون الجديد يبدأ من المصلحة العامة، ويضمن الموضوعية في الطرح والتناول أمام المحاكم. وقال: على صعيد مستوى الرسوم القضائية الاتحادية، فإننا نبحث خفض الرسوم في بعض، الدعاوى مثل الأحوال الشخصية، والقضايا العمالية، لتحقيق مصلحة أكبر، وهي مصلحة مجتمع عادل مستقر. واعتبر أن التعديلات المزمع إجراؤها ستضمن مواكبة الدولة للتطورات الاقتصادية والاجتماعية حول العالم، ونحن في الإمارات تحديداً لدينا نحو 198 جنسية تعيش على أرض الدولة، ونبحث حالياً في كل الأمور الإجرائية التي من شأنها أن تسهل حياة الناس. إلى ذلك، أفاد رئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، زايد الشامسي، بأن الدولة تسعى إلى تيسير إجراءات التقاضي على الأغلبية، عملاً بمبدأ توفير القضاء في متناول الجميع، وفي الوقت نفسه تضع حداً لبعض الممارسات الفردية السلبية، على غرار الدعاوى الكيدية، وتالياً ينبغي أن تكون رسوم التقاضي معقولة، وتتناسب مع الخدمة التي تقدمها المحاكم. وأضاف: قيمة الرسوم القضائية تحتاج إلى إعادة دراسة حالياً، تضمن منح المتقاضين فرصة لطلب حقوقهم والدفاع عنها، وردع المخالفين من أصحاب الدعوى الكيدية، ولا ينبغي في المقابل أن تكون إجراءات التقاضي وسيلة لتحقيق أرباح بالنسبة للمحاكم، فهي تعطي خدمة، وتغطي مصروفات الإجراءات والمباني والصيانة وغير ذلك. وأكد رئيس فريق التشريعات في جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، أمين عام اللجنة العليا للتشريعات في دبي، أحمد مسحار المهيري، أن إعادة النظر في الرسوم القضائية الاتحادية ينبغي أن تؤخذ باهتمام في الفترة المقبلة، وهي رسوم ثابتة لم تتغير منذ نشأة المحاكم الاتحادية، ومتدنية مقارنة برسوم محاكم محلية. وأضاف أن الحل يتمثل في رفع الحد الأقصى للرسوم من 30 إلى 40 ألف درهم، أو رفع نسبة الرسوم 6% حتى بلوغ الحد الأقصى (4% حالياً)، فدعاوى مثل العمالية تتسبب في مشكلات وإرباك أحياناً، كونها معفاة من الرسوم، فبعضهم يتقاضون رواتب كبيرة تزيد على 100 ألف درهم شهرياً، وإذا حدث خلل بينهم وبين الشركة يمنحون الحق في التقاضي بلا رسوم. وتابع: بعض العمال يرفعون دعاوى أمام القضاء ويطلبون تعويضات تصل إلى 50 ألف درهم، وهم يعلمون أن الحكم الذي سيصدر لهم لن يتجاوز 5000 فقط، الأمر الذي يشكل عبئاً على المحاكم، وتالياً يمكن وضع تصور بأن تكون القضايا مرتبطة بقيمة المبلغ كتعويض، وأن تكون القضايا التي تزيد قيمتها على 50 و100 ألف درهم برسوم وليست مجانية، كأن يكون نصف الرسم المقرر في الدعاوى العادية مثلاً. واعتبر أن آخر تعديل على الرسوم كان في عام 2007، ونحن الآن على مشارف 2016، والقوة الشرائية للعملة تختلف من زمن إلى آخر، فالمبالغ الزهيدة لا ترقى إلى الخدمة التي يحصل عليها المتقاضون، وينبغي إعادة دراسة الرسوم حسب مقتضيات العصر، والقدرة الشرائية للعملة.
مشاركة :