صباح الحرف (لك ... وللأمير والوزير)

  • 1/1/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ستقتفي أثر المتقاعدين الذين يجولون في المنزل لإطفاء الأنوار والأجهزة لأن دخلهم انخفض وتوافر لديهم الوقت، وستفرض ذلك بصرامة بعد أن أهملته لأن أسعار الكهرباء زهيدة، وستفعل المثل بصنابير المياه، وربما تقلص مشاويرك لأن وقود السيارات ارتفع! تضحك بمرارة على تعليق طريف ساقه السعوديون الذين يبتكرون أجمل كوميديا على رغم افتقارهم للسينما والمسرح مفاده أنك «إذا خرجت من المنزل استهلكت الوقود، وإذا بقيت في المنزل استهلكت الكهرباء». تتفكر وأنت تلحظ الطوابير على محطات البنزين ليل الاثنين الماضي في ما حدث لهؤلاء الباحثين عن حل آنٍ غير مجد، يتزاحمون من أجل 20 أو 30 ريالاً، وكأنهم لن يستهلكوها خلال أيام، تبتسم وأنت تقرأ في التواصل الاجتماعي تشبيههم بمن يشرب كثيراً من المياه قبيل أذان الفجر في رمضان. تتأمل في شاشة الأسهم صباح الاثنين، وتتمنى لو كنت ممن تسربت إليهم الأخبار فربحوا 10 في المئة على مدخراتهم خلال ساعة في سهمي الكهرباء والغاز للتصنيع، لكنك تستدرك: «لكن لا توجد لدي مدخرات من الأساس»، وتجيبني: من أين لي الادخار وإيجار السكن يأكل ثلث دخلي أو يزيد؟ حسناً، ربما بات من شبه المؤكد أن ملف الإسكان سيتحلحل قريباً، فهل أتوقع منك بعض المدخرات؟ أنا لن أضمن لك شيئاً، لكن حكومة محنكة تضمن لك اليوم استمرار الإنفاق، وتعدك برقابة أكثر صرامة، وتبشرك أن الإيرادات غير النفطية حققت بعض التقدم. السعودية تتحول، والسعوديون يعودون إلى الواقع، إلى ارتفاعات تدريجية في الطاقة والمياه وأسعار تذاكر السفر، وهم سيقتنعون ويتكيفون إذا حققت الأجهزة الحكومية ومسؤولوها التنفيذيون الرؤية الملكية الحكيمة بتحقيق كفاءة الإنفاق، وسيتم رصد ذلك. الواقعية هذه المرة تفرضها الظروف القوية، انخفاض أسعار النفط، أوضاع اقتصادية عالمية متردية، حرب لإنقاذ بلد جار وحماية ظهر الوطن، زيادة سكانية مطّردة، وتركة ثقيلة في بعض القطاعات متخمة بالترهل وضعف الإدارة وعدم «كفاءة الإنفاق». «الحزم والعزم» سيتعامل بخبرة مع سوق النفط، وسيؤدي دوره في الاقتصاد العالمي كونه أحد كباره الـ20، وسيقفل ملف الحرب بالانتصار قريباً، وسيؤسس لثقافة الإنتاج وتحويل الزيادة السكانية وطبيعة المجتمع الشاب إلى قوى إنتاج، وسيصحح عبر مجلس الاقتصاد والتنمية كثيراً من الأخطاء استمراراً لنهجه منذ أن أنشئ وتحقيقاً للأمر الملكي الصريح بالمزيد من الإصلاحات. لو رشدت استهلاكك لن ترتفع نفقاتك، ليست رسالة لك، إنها قبلك للأمير والوزير، وهي بعدك لأسرتك وأبنائك الذين تتعامل معهم أحياناً بقسوة اقتصادية حتى لا ينصدموا بواقع الحياة من بعدك، وهذا ما نحن عليه اليوم. سنعرف قيمة الأشياء، وسيعرف المسؤولون عن التنفيذ قيمة المواطن الذي سيظهر وعياً أكثر، يساعد الحكومة في رقابة أكبر، وتطهير أعمق من الترهل أو الفساد أو «سوء التدبير». نحن السعوديين رأس المال، وأمننا وأماننا ووحدتنا وتعايشنا ومزيد من تحضرنا هي بيئة الاستثمار، والعائد على الاستثمار ليس فقط دخلاً غير نفطي نريده متنامياً، إنه بناء إنسان، وترسيخ ثقافة قيمته وحقوقه التي هي محور اهتمام خادم الحرمين الشريفين كما في رسائله الواضحة والصارمة. «يا بلادي واصلي والله معاك... واحنا وراك» وسيد الوطن وخادمه... أمامك وأمامنا.

مشاركة :