تقوم الإمارات منذ عقدين على الأقل، بدور ريادي في نطاق الجهود الدولية الرامية إلى معالجة أزمة التغير المناخي على مستوى العالم. فهذه المسألة باتت جزءاً أصيلاً من استراتيجية الإمارات، ليس فقط من جهة حرصها على تأمين العالم من مخاطر التغير المناخي، بل وربط هذا الحراك مع التنمية الشاملة. من هنا، يمكن النظر إلى المبادرات والمشاريع والمخططات التي تطرحها الإمارات بهذا الشأن، بما في ذلك طبعاً استعدادها لاستضافة «مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي» المعروف اختصاراً بـ COP28. وفي دورة COP27 التي عقدت في شرم الشيخ المصرية، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» واضحاً أمام القادة والمشاركين فيها، بدعوته إلى توحيد الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي، ولا سيما أن «هذا العالم يواجه تحديات معقدة». الخطة الوطنية الإماراتية للتغير المناخي 2017 -2050، قدمت واحدة من أكثر الاستراتيجيات قوة ومرونة وتنوع لتحقيق الأهداف بهذا الخصوص، بما في ذلك التزام البلاد بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050. تضمنت هذه الخطة التاريخية ثوابت أساسية، بما فيها إدارة انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى الدولة، لكن مع الحفاظ على النمو الاقتصادي المستدام للبلاد. وهذه النقطة تعد متقدمة جداً مقارنة بمخططات لدول أخرى، لأنها تربط التنمية مع مواجهة تداعيات التغير المناخي. إلى جانب طبعاً، تقليل المخاطر وتحسين القدرة على التكيف مع التغير المناخي، وهذا يتم من خلال الدعائم القوية للاقتصاد الوطني، مع مواصلة العمل على تعزيز التنوع الاقتصادي من خلال حلول مبتكرة بالتعاون مع القطاع الخاص. وهذا الأخير يمثل في الواقع محوراً أساسياً في عملية التنمية المستدامة الشاملة، في الوقت الذي تواصل فيه الدولة نهجها نحو الاستثمار في القطاعات غير النفطية. إنها استراتيجية شاملة، تضاف إلى الحراك الإماراتي العام على الساحة الدولية عموماً. فالإنجازات التي تحققت في الحد من الانبعاثات الكربونية مثلاً كبيرة، حتى إن جهات عالمية معنية بالمناخ وحماية البيئة عموماً، عدت هذه الإنجازات بمثابة مثال يحتذى لعدد من الدول التي لا تزال متخلفة في مسارها نحو الحفاظ على المناخ. واللافت أيضاً بالنسبة للمجتمع الدولي، أن الإمارات لا تتوقف عن تقديم الحلول والمشاريع المساندة، لتعزيز المسار العالمي بهذا الشأن. ففي سبتمبر الماضي (على سبيل المثال)، تم تأسيس أول هيئة مستقلة لتغير المناخ في العالم، وهي عبارة عن كيان إماراتي وطني مستقل ومحايد للعمل المناخي، يجمع بين القطاعين العام والخاص. فالمشاريع الإماراتية في مجال حماية مستقبل الأرض متنوعة ومبتكرة، كما أنها تدعم مباشرة الجهود الدولية التي تستهدف بالدرجة الأولى عدم ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتأمين المناخ للأجيال المقبلة، ووضع الأسس لها من أجل الاستمرار في هذه المهمة العالمية الإنسانية العظمية. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن مخططات الإمارات بشأن المناخ، تركز بصورة كبيرة على ما تحقق من إنجازات والبناء عليها. أي أنها توجهات عملية تحاكي العوائد المرجوة من حراك عالمي لا يحتمل التأخير.
مشاركة :