لقاء أسعدني مع العمّ محمود السعدني | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 2/7/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

مِن الأشيَاء الجَميلَة في «ثلوثيّة» الصَّديق العَزيز «أبوالشَّيمَاء» محمد سعيد طيّب، أنَّكَ تُقَابل شَخصيَّاتٍ كَثيرةً، مَا كُنت لتُقابلها لَولَا وجُود هَذا الرَّجُل، الذي يَجمع بَين الشَّهَامَةِ والوَجَاهَة، ومِن تِلك الوجُوه النَّادِرَة التي قَابلتها في «ثلوثية الطيّب» -قَبل 15 سَنَة- الكَاتِب السَّاخِر الكَبير «محمود السعدني» -رَحمه الله-، أو كَمَا نُسمِّيه «عَمّ محمود»..! والعَمّ «محمود»، تَوزّعت حيَاته بَين المَنَافِي والسّجون، والضّحك والحُزن، ومُجَالسة البُسطَاء، والكُبرَاء والوُجهَاء، ومَن يَقرأ «مُذكِّرات الوَلد الشَّقي»، يَلمس هَذه المُعَانَاة، وذَاك الحُزن، الذي يَفوح مِن بَين ثَنَايَا السّطور..! والعَمّ «محمود» أُستَاذ في السُّخرية، وقَبْل أَنْ يَسخر مِن النَّاس؛ سَخِرَ مِن نَفسه، وإذَا أَردنَا أَنْ نَقف عَلى نَوعِ السُّخرية؛ التي يُمارسها مَع نَفسه، دَعونا نَتأمَّل هَذه السّطور: يَقول الأَديب السَّاخِر «محمود السعدني» في كِتَابه «مُذكِّرَات الوَلد الشَّقي»: (زَمَان كَان مُدرِّس الحسَاب، يَعتقد أنَّني حِمَار، وكُنتُ أعتَقد أنَّني عَبقري، وبَعد فَترة طَويلة مِن الزَّمَان اكتَشفتُ أنَّ المُدرِّس كَان عَلى خَطَأ، واكتَشفتُ أَيضًا أَنِّي لَم أَكُن عَلى صَواب، فلَا أَنَا عَبقري، ولَا أنَا حِمَار، بصَراحة أنَا مَزيجٌ مِن الاثنين، العَبقَري والحِمار.. أنَا «حَمْقَري»، ولأنِّي حَمْقَري، فقَد كُنتُ أَظُن أنَّ كُلَّ رَجُل ضَاحِك، رَجُل «هَلَّاس»، ولأنَّني «حَمْقَري:، كُنتُ أَرْفَع شِعَارًا حَمْقَريًّا يَقول: «أَنَا أَضْحَك، إذًا أنَا سَعيد»، وبَعد فَترَة طَويلة مِن الزَّمَان؛ اكتَشفتُ أنَّ العَكْس هو الصَّحيح، واكتَشفتُ أنَّ كُلّ رَجُلٍ ضَاحِك، رَجُلٍ بَائِس، وأنَّه مُقَابل كُلّ ضِحكَةٍ تفرقع عَلى لِسَانه، تفرقع مَأسَاة دَاخل أحشَائه، وأنَّه مُقَابل كُل ابتسَامةٍ تَرْتَسم عَلى شَفتيه؛ تَنحدر دَمعة دَاخل قَلبه)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي مُنَاشدة الكُتَّاب الذين يَبحثون عَن السُّخريَة، ألاَّ يَخلطوا بَين السُّخرية التي هي شَأنٌ جَاد -كَما يَقول الكَاتب التُّركي «عزيز نيسين»- وبَين التَّهريج الذي يُمارسه أُنَاس كَثيرون -لَا نَعرفهم بسيمَاهم، بَل بسمَاجَاتهم-، وإذَا أَردتُم أنْ تَعرفوا السُّخرية عَلى أصُولها، فتَأمَّلوا كِتَابَات «محمد عفيفي، وأحمد رجب، ومحمد الماغوط، ومحمود السعدني، وجلال عامر، ومارون عبّود»، ولَا تَطمحوا بالوصُول إلَى صُنَّاع السُّخرية، مِثل: «برنارد شو، أو مارك توين»، لأنَّ العَقليّة العَربيّة لَا تَستطيع البَثّ عَلى المَوجَاتِ الطَّويلَة..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :