عاد صديقي الياباني إلى طوكيو من رحلته الأولى إلى بلادنا؛ التي تعرَّف خلالها إلى عملاء الشركة التي يعمل لديها، وبحث معهم سُبل تنشيط التعامل التجاري المتبادل في ضوء الركود الاقتصادي، وفوضى سوق المال في بلدان العالم كافَّة، وانخفاض أسعار البترول التي تسبَّبت في ترشيد الإنفاق في العديد من الدول المنتجة للبترول. يقول في حديثه معي عبر شبكة التواصل: إنَّ ما حصل من ركود اقتصادي وانخفاض في سعر البترول ليس قضاءً وقدرًا، بقدر ما هو تخطيط وتنفيذ عدد من رجال المال في الولايات المتحدة الأمريكيَّة الذين يتحكَّمون بالأسواق العالمية بيعًا وشراءً، مُحقِّقين أرباحًا خياليَّة في الصعود، وفي الهبوط على حساب الآخرين. عاد بي بالذاكرة إلى الستينيَّات من القرن الماضي لمَّا كان الدولار الأمريكي يعادل ثلاثمائة وستيِّن ينًّا يابانيًّا، وكانت هناك إغراءات للاستثمار في الولايات المتَّحدة، ليتهافت العديد من رجال المال اليابانيين على السوق الأمريكيَّة، يشترون العقارات والتحف واللوحات لكبار الرسَّامين طمعًا في كسب مادي محترم. وما كانت إلاَّ سنوات قليلة، حتَّى تدنَّى سعر الصرف إلى نحو مئة ين ياباني لكلِّ دولار أمريكي، فخسر المستثمرون اليابانيُّون 70% من رأسمالهم، ممَّا حرمهم من بيع مشترواتهم، وإعادة تحويل مبالغها إلى اليابان، فأبقوا استثماراتهم حيث هي. واليوم، كما يبدو لصديقي أن هبوط أسعار البترول إلى 75% كما كانت عليه قبل عام، أتاح الفرصة لمحتكري سوق الطاقة في أمريكا لتخزين البترول المشترى بسعر مُتدنٍّ على أمل إعادة بيعه بعد سنوات بأضعاف مضاعفة. وأضاف مثمِّنًا ما اتَّخذته حكومة خادم الحرمين الملك سلمان من إجراءات ترشيد الإنفاق وضبط المصروفات والتخفيف من الدعم لعدد من السلع الاستهلاكيَّة لما في ذلك من مشاركة الأفراد في مواجهة عجز الميزانيَّة. وفي رأيه أنّ ترشيد إنفاق الأسرة هو الخطوة الأولى والأساس في مجابهة ارتفاع أسعار عدد من السلع والخدمات. وقد أبدى ملاحظة في صرفنا الذي لا مبرِّر له عند تكريمنا الضيف أو إقامة حفل عائلي، مُشيرًا إلى البذخ في تكريمه من عملاء شركته بكميَّات كبيرة من الطعام تكفي عشرة أضعاف المدعوِّين. وأشار إلى حضوره حفل زواج ابنة أحدهم، حضره المئات في صالات خاصة للأفراح باهظة التكلفة، ولا شكَّ أنها مرهقة لميزانيَّة الأسرة. ولمَّا ذكَّرته بفخامة الحفل الذي أقامه في طوكيو بمناسبة حفل زواج ابنه، أجاب بأنَّ الحضور كافة قد شاركوا في التكاليف. وتلك عادة يابانيَّة بإهداء العروسين مظروفًا مزركشًا بداخله نقد لم تلمسه يد من قبل، بما لا يقل عن خمسين ألف ين ياباني (نحو خمسمئة دولار أمريكي) تغطِّي تكلفة الحفل كاملاً.
مشاركة :