محمد كركوتي يكتب: عام التشديد النقدي

  • 1/4/2024
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

التي تزايدت فيها حالات إفلاس الشركات بمعدلات من رقمين، في غالبية الاقتصادات المتقدمة. وهذا الأمر ينشر المخاوف، في هذا الوقت الحساس من التطورات الاقتصادية، المليئة بالضغوط، سواء من خلال الفائدة التي لا تزال مرتفعة، أو من جهة الديون الحكومية والشخصية المتصاعدة، حتى في ظل تراجع ملحوظ لمستويات التضخم. وارتفاع حالات الإفلاس أتت في الدرجة الأولى من ارتفاع تكاليف الاقتراض، إلى جانب نقطة مهمة للغاية تتعلق بوقف الحكومات حزم الدعم التي أطلقتها لمواجهة تداعيات جائحة «كورونا». فقد أنقذ الدعم كل الشركات بأحجامها المختلفة، أو لنقل أجلت هذه الحزم ظهور مشاكل الشركات على السطح. والمشكلة تتعاظم أكثر في قطاع ما اصطلح على تسميته بـ «شركات الزومبي»، وهي المؤسسات التي لا تمتلك السيولة الكافية للتشغيل. ولذلك كانت نسبة هذه الشركات الأعلى في قوائم الجهات التي أعلنت إفلاسها في العام المنصرم. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن الإفلاس أصاب أيضاً شرائح الأفراد في الاقتصادات المتقدمة، الذين بلغ بهم الوضع درجة العجز عن دفع الأقساط الشهرية للرهن العقاري. أضاف هؤلاء مزيداً من الأعباء على كاهل الحكومات الملتزمة بتدبير شؤونهم في أوقات الأزمات، بينما تعاني هي من ارتفاع تاريخي لديونها، التي قفزت في بعض البلدان فوق حجم ناتجها المحلي الإجمالي، بينما تجاوز ضعفه في بلد مثل اليابان مثلاً. وتأتي موجة إفلاس الشركات هذه، بعد عشر سنوات على الأقل من الانخفاض. فقد بلغت نسبة ارتفاعها في الولايات المتحدة 30%، وفقاً لبيانات المحاكم، بينما زادت في بلد كألمانيا 25%، أما على ساحة الاتحاد الأوروبي فسجلت حالات إعسار الشركات ارتفاعاً بنسبة 13% على أساس سنوي. إنها معدلات عالية بالفعل، وربما ستستمر بهذه الوتيرة في العام 2024، إذا لم تتبدل السياسات النقدية للبنوك المركزية بصورة كبيرة، تكفل تكاليف اقتراض أقل، ليس فقط لتعزيز ماليات الشركات، بل تضمن مستوى من النمو يساعد في الابتعاد عن شبح الركود. فنسبة كبيرة من الشركات التي أعلنت إفلاسها، قامت بذلك نتيجة ارتفاع تكاليف خدمة ديونها، وكانت ستفلس حتى لو لم تظهر جائحة «كورونا» على الساحة الدولية. لا يمكن لجهة تحمل الفائدة المرتفعة، خصوصاً إذا ما كانت تمر في فترة من عدم الاستقرار. والسبب في تأجيل إعلان الإفلاس، هو أن أموال الدعم التي قدرها صندوق النقد الدولي بعشرة تريليونات دولار حول العالم بسبب «كورونا»، سندت المؤسسات المتعثرة (وحتى غير المتعثرة) لفترة من الزمن، بعد ذلك انكشفت أوضاعها، وهشاشة أدائها في الساحة، مع تزايد الضغوط الآتية من اضطرابات سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الطاقة، وغيرها من العوامل الأخرى. في ظل هذا المشهد يتوجب على الحكومات مواجهة استحقاقات الإفلاس بتكاليفها التي سترفع بالضرورة من حجم الديون الحكومية الضاغطة أصلاً على الموازنات العامة.

مشاركة :