يُشكر لـ»وزارة الصحة» اهتمامها الجاد بـ»الحـدّ من الأخطاء الطبية، واستحداثها برنامج تسجيل الأحداث الجسيمة، وإرسالـِها بشكل فوري إلى الهواتف النقالة لقيادات الوزارة» (صحيفة الحيـاة، 24 جمادى الآخرة 1433هـ). ومع استبشاري بهذا البرنامج الذي يحاول رصد أسباب الأخطاء الطبية، والتفريق بينها وبين المضاعفات الصحية، وتطوير البنية الأساسية للأنظمة الصحية والطبية، للحد -قدر الإمكان- من ضحايا الأخطاء الطبية، لكني أُصبت بخيبة أمل كبيرة بعد نشر تصريح للمتحدّث الرسمي لوزارة الصحة، اضطررت لقراءته عدة مرات كي يمكنني استيعابه وتحليل محتواه، قال فيه: «مَن يتحمّلون مسؤولية وقوع الأخطاء الطبية هم الممارسون الصحيون وليست الوزارة، وبالتالي فإن الغرامة يدفعها الشخص المتسبب في الخطأ الطبي» (صحيفة الحياة 4 يناير 2014). والعجيب وصفه الأخطاء الطبية بـ»الأخطاء الشخصية»، مشيرًا إلى أنها تقع نتيجة إهمال الشخص أو ارتكابه لخطأ في إجراء معيّن، نافيًا إمكان رصد المبالغ من جهة معينة، كون مَن يتحمل الخطأ هو الشخص المتسبب فيه». أمّا الأدهى قوله: «لا يمكن لنقص الخدمات والكوادر في المستشفيات أن تكون سببًا في وقوع أخطاء طبية»!!. من المعيب -في رأيي- محاولة أيّ جهة صحية التنصّل من مسؤوليتها الأدبية والمهْنية في مشكلة الأخطاء الطبية، وإلقاؤها بالمسؤولية «كاملة» على الممارسين الصحيين، وتصويرها الخطأ الطبي أنه «شخصي» فحسب!! وترك الممارس الصحي وحيدًا وسط هيئات شرعية، وقصور أنظمة يفترض أن تحفظ مقدّراته وتحمي سمعته، في مواجهة إعلام غير محايد، وإدارات طبية فشلت في توفير الحماية المهْنية والمساعدة القانونية والشرعية، في ظل نقص الكوادر والكفاءات، والأجهزة والعلاجات المطلوبة، متجاهلة مجموعة العوامل الإدارية، والتنظيمية، والتقنية، والتدريبية، والفردية، التي تشارك في وقوع الأخطاء الطبية، ومنها حقيقة أن (90%) من مديري مستشفيات وزارة الصحّة، لا يحملون مؤهَّلاً دراسيًّا في تخصص الإدارة، وأن (34%) منهم يحملون مؤهلاً «أقلّ من البكالوريوس»!! (صحيفة الحياة 25 سبتمبر 2012)، ثم اتهام الممارس الصحي بتسببه «وحده» في الخطأ «الشخصي» والتركيز على «عدم تحمّل الوزارة التعويضات المالية»!!. هذا التصريح غير الحكيم، يحتاج إلى إعادة نظر، ورصد تداعياته المأساوية على الأطباء والممارسين الصحيين، لكن من الممكن تدارك الزلل فيه بخطوات عملية لا تتجاهل الكفاءات الصحية والطبية، وتعمل على إشراكهم في أنظمة الحد من الأخطاء الطبية، عوضًا عن تصويرهم أنهم أصل المشكلة وسببها الوحيد، وكأنهم في مواجهة ضارية مع المجتمع، أو مسؤولي الإدارات الطبية. abkrayem@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (92) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :