شبلول يعقد مناظرة بين العلم والشعر في 'دفتر العقل'

  • 3/26/2024
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - نظمت إدارة الشئون الأدبية والمسابقات بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، ندوة نقدية، ضمن البرنامج الثقافي لشهر رمضان الكريم، لمناقشة الديوان الجديد للشاعر أحمد فضل شبلول الصادر عن سلسلة "إبداعات التفرغ" والذي يحمل عنوان "دفتر العقل"، أدارتها د. إيمان نجم رئيس الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات، وتحدث فيها الشاعر أحمد سويلم، والشاعر الناقد د. عايدي علي جمعة، وألقى الشاعر شبلول عددًا من قصائد الديوان الجديد في مستهل الندوة وخلال فقراتها، وبدأها بقصيدة "الوعي المدفون". في البداية تحدثت د. إيمان نجم عن مشروعات التفرغ التي تأتي في صورة منح تمنحها وزارة الثقافة من خلال المجلس الأعلى للثقافة للمبدعين المصريين في مجال الآداب والفنون التشكيلية، وأوضحت أن الإدارة المركزية للشئون الأدبية والمسابقات في خطتها مناقشة الأعمال التي حصلت على التفرغ وانتهى منها أصحابها، كما شكرت وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، على رعايتها المستمرة ودعمها لهذه المشروعات، وعلى متابعة الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، كما شكرت أمانة الشعب واللجان بالمجلس برئاسة أ. وائل حسين، على مشاركتها في تنظيم الندوة. ثم قدمت تعريفًا عن الشاعر صاحب ديوان "دفتر العقل" الذي فاز بمنحة التفرغ لمدة أربع سنوات لإنجاز بعض الدواوين الشعرية ومشروعات أدبية أخرى. وقال الشاعر أحمد سويلم: يذكرني ديوان "دفتر العقل" للشاعر أحمد فضل شبلول، بحوار قديم جرى بيني وبين الصديق المبدع نهاد شريف – رائد أدب الخيال العلمي. وكان قد قرأ بعضًا من أشعاري واستخرج منها بعضًا من هذا الخيال العلمي.  وقد دار الحوار حول إمكانية الشعر في التعبير بوسائل وأدوات هذا الخيال، فهو يعتقد أن الشعر يستطيع، لو كان لدى الشاعر معرفة بهذه الوسائل والأدوات. وبصراحة كنتُ حذرًا في تصديق ذلك، خشية أن يفقد الشعر جمال اللغة، وخيال الصورة، ومخاطبة الإحساس الإنساني. لكن يبدو أن نهاد شريف كان على حق في رأيه، فهذا أحمد فضل شبلول يقدم لنا تلك المعادلة الصعبة التي مزجت العلم والتكنولوجيا بخيال الشعر. وأوضح سويلم أن شبلول قد غرِق منذ سنوات في الحالة الرقمية حتى صارت بين يديه لينة متاحة، واستجاب عقله إليها لنجد صدى هذه العلاقة في كثير من كتاباته وآرائه النقدية. وقال: "الديوان الذي بين أيدينا يقدم مناظرةً بين العقل والشعر، وهي مناظرة بين طرفين يبدوان متناقضين، لكنهما في الحقيقة يتمتعان بالملاطفة والتقارب من أجل نتيجة أخيرة تؤكد التقارب حتى المزج والتماهي". وأضاف سويلم: "نحن هنا ندرك من أول لحظة أننا أمام شاعر يفكر بأسلوب الكمبيوتر، ويُبدع بأسلوب الكمبيوتر، ويسوق المصطلحات في قصائد طيّعةً معبرةً بلا صعوبة، ولا يشعر القارئ بالغربة، وهو يأخذه ليعرّفه على هذا العالم ببساطة وفنٍّ معًا". ويشير سويلم أن عنوان الديوان هو "دفتر العقل"، وليس "دفتر المشاعر" أو "دفتر القلب"، وهو عنوان يبدو أنه ينزع الشعر من منبعه المألوف، ويلقيه في جُب العقل والفكر. إنه يدعو القارئ أن يتحرر من كل الموروثات الفنية التي تعتمد الخيال الجامح، ويطلق ذاته بلا قيود، فيقول: من حقِّكَ أن تُصبحَ حُرا وتكونَ غنيّا وثريّا في أفكارِكَ في كلماتِكَ! أطلِقْ ذاتَك من مَخبئِها من مجمرِها من مَبْكاها أخرجْها للشمسِ وللبحرِ وللحريّة حرِّرْ عقلَك من ظلماتِ التاريخ طَهِّرْهُ من كلِّ المعتقداتِ العبثيّة وفي رأي سويلم أن شبلول حاول أن يحل المعادلة الصعبة في هذا الديوان بنسبة مقبولة، وربما يجد من النقاد والقرَّاء من لا يستسيغ ذلك، لكن الأمر يستحق فعلا التعمق في فهم هذه المعادلة. أما الناقد د. عايدي علي جمعة فقال: "حقيقةً إن المعجم الشعرى فى هذا الديوان وحقوله الدلالية، تلفت النظر إلى أنه مثلما قال أستاذنا الشاعر الكبير أحمد سويلم، وجود الكثير من المفردات المعبرة عن عالم التقنية وعالم الإنترنت وهذه العوالم، بما يجعلنا نشعر بعملية استلاب كبرى للذات الشاعرة، وكأنها ذات مستلبة أمام الآلة، وهي مشكلة خطيرة جدًا يواجهها إنسان هذا العصر، كيف يتخلَّص إنسان هذا العصر من الاستلاب أو التشيؤ الذى أصبح الإنسان فيه شيئًا أمام هذه الآلات التى أخذت روحه وسيطرت عليه وأصبحت تعطيه الملفات وتعطيه خريطة خطوات حياته". وأضاف: "سنجد أن الرحلة فى هذا الديوان فى الغالب هى رحلة للداخل وليست إلى الخارج، فإن الذات الشاعرة تقوم برحلتها الذاتية إلى الداخل، وتعبر عن فصوص المخ؛ الفص الأيمن والفص الأيسر، وتتفاعل هذه الخلايا مع إيقاع العالم، من هنا فإن الرحلة إلى الداخل موجودة بقوة؛ سنجد أن عنوان الديوان (دفتر العقل) يعنى الشعر القائم على العقل، من هنا كانت هناك حالة من حالات التقشف البلاغى، بمعنى أن الصور البلاغية مليئة باللغة لا تُكذب نفسها؛ لذلك نلحظ أن العلاقات بين المفردات تقع فى المنطقة العقلية المأمونة لكى يستطيع القارئ أن يفهمها بسهولة، ليست مثل اللغة عند أدونيس مثلًا، ليس هناك تفكير عميق فى مفردات اللغة أو تفجيرها، ليس هناك عوالم لغوية خفية، وإنما هناك رحلة إلى الداخل والكل يعرفها، نحن نعرفها لأننا نعيشها؛ لأننا جميعًا نعيش عملية استلاب كبرى". واستكمل جمعة: "ولا شك أن إنسان هذا العصر أصبح يعيشها، وكأن الأستاذ أحمد فضل شبلول أراد أن يعبر عن صوت اللحظة الراهنة، وهى صوت هذا الاستلاب الكبير أمام هذا العالم الافتراضى. ورغم هذا الاستلاب الكبير سنجد حضورًا قويًا جدا للتراث مع مفردات العصر، سنجد حضورًا للمتنبى فى إشارات ضوئية، الحجرة حينما تكون مظلمة الإنسان لا يرى فيها شيئا، ولكننا إذا جاء التيار سنرى المكان وسنعرف أبعاده".   وقال عايدي جمعة: "كذلك أيضًا نحن نعرف أن أحمد فضل شبلول يكتب الرواية لذلك نجد بعض قصائده تتحول إلى قصيدة سردية، نجد التفاعل الكبير بين بنية الشعر بما لديه من استعارة خاطفة وانتقالات مكانية وصور خيالية، وبين بنية السرد بما فى ذلك من بداية ووسط ونهاية وشخصيات وعقدة وحل ومشاكل". وأنهى جمعة مداخلته بقوله إن ثقافة الشاعر شبلول تظهر بقوة في قصائد الديوان، وإن الديوان يجمع بين شعرية العقل وشعرية الماء. ثم توالت التعقيبات والتعليقات، فقالت د. أماني الجندي أنها شعرت أن موضوع "دفتر العقل" موضوع غريب من نوعه، فكيف يتعرض الشعر لقضايا علمية أو تكنولوجية على هذا النحو من خلال كلمات بسيطة وموسيقى شعرية بسيطة، وأشارت إلى أن دراسة كل من أحمد سويلم وعايدي جمعة استطاعت تقريب قصائد الديوان وفهمه أكثر من قبل. أما الدكتور حسن شحاته الأستاذ بجامعة عين شمس فأعرب عن سعادته بهذه الندوة الثرية بالفكر والثقافة والشعر وعلاقة الشعر بالذكاء الاصطناعي الآن، وليس سهلا لشاعر أن يقول ما قاله شبلول في هذا الديوان، وأهم من ورود المصطلحات العلمية في الديوان، هو فهم الشاعر لها. أما الكاتب الصحفي والأديب حسام أبوالعلا فقد أوضح أن الرؤى النقدية التي قدمت حول الديوان قربته أكثر لنا، وجعلتني أستمتع أكثر به، على الرغم من أنه بعيد عن عاطفة الشعر التي نعرفها، ووجه بعض التساؤلات للشاعر صاحب الديوان. وأشارت د. إيمان نجم إلى وجود معركة بين القلب والعقل في هذا الديوان والوضع الإنساني المتأزم الذي نعيشه حاليا. وأشارت الكاتبة السورية ميرفت دهّان إلى تعدد الإبداعات الأدبية للشاعر أحمد فضل شبلول، وكونه يخاطب العقل في ديوان خاص فهذا كان مفاجأة لي، فضلا عن اتجاهه لإنسنة الآلات التي نتعامل معها ومنها الكمبيوتر، فهناك حوار العقل مع الآلة، والشاعر خاطب تفاصيل الجمجمة، وقراءة الآلة لكل تفاصيل جمجمته. ويختم الشاعر أحمد سويلم مؤكدًا أن الشاعر يؤسس لفرع جديد من فروع الشعر المعاصر.

مشاركة :