من فضل الله علي - وأفضاله لا تعدّ ولا تحصى - أنني نشأت في أسرة دين ومبادئ وأخلاق فضلًا عن مورث الشعر والأدب فرضعت التقوى والخوف من الله ونشأت وترعرت على الصدق والبراءة وحسن النية ومقت الظلم وتلك خصال الفضل فيها لله عزّ وجل ثم لوالدي وما غرساه فينا من فضائل وما أنعم الله به علينا من نسب طاهر كريم.. وهي فضائل والله إني لأخجل أن أضيق ذرعًا يومًا بأي هم أو ابتلاء وأقول إن فضل الله علينا كبير.. ورغم أن مساحات الحزن والغدر والجحود في حياتي كبيرة إلا أنني تعلمت منها الكثير إذ أعدّها منحًا وليست محنًا وكلما ضاقت وزادت كلما زاد التفاؤل عندي أكثر فأكثر وأصبحت ثقتي في الله كبيرة بقرب الفرج.. هذا ما أجبتُ به في حوار إعلامي وأردت أن تكون بمثابة فائدة لكل من يتأخر نصره وفرجه.. عن أبي صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ أن أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ أن أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ) رواه مسلم. وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ) وفي المقابل نجد البعض يقول: إننا نرى الذين يفرحون بما أوتوا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ويرتكبون الظلم والمعاصي وتفيض نفوسهم بالحقد والكراهية والكذب نراهم بخير..، وقد يؤثر ذلك على ضعيف الإيمان لكنّه لا بد أن يرجع لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب؛ فإنما هو استدراج) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَاب كُلِّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) صدق الله العظيم وصدق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم..، ولذلك كان المعيار والميزان في حياة الإنسان هو الحساب لنفسه قبل أن يحاسب فالمرء يكذب على كل من حوله بل أنه ليكذب الكذبة ويصدّقها لكنه لا يكذب على نفسه فإذا خلا بها وواجهها يعرف عن معاصيه غير أن الذي يتلّبسه الشيطان ويسخّره في الشر ويتبّع الدجالين الذين يسخرَّون شياطينهم له يزينون له الأفعال والأقوال فلا يعد يرى طريق الحق أو الخير فيصرّ على المضي في طريق الغي والشر والسوء.. ويحسب أنه يحسن صنعًا.. ولقد علمتني الحياة أنه مع شدّة البلاء والامتحان يكون الفرج والنصر والثواب ويخطيء من يظن أن المقياس بما يحصل في الدنيا من زينة وتكاثر في الأموال والنهب والظلم والتعدّي على حقوق الناس والكسب الحرام فما هي إلا متاع الحياة الدنيا وعند الملك الديّان تلتقي الخصوم..، ورحم الله أمي الغالية التي علّمتني درسًا كنت أعتبره ضعفًا حين ذاك لأنني كنت فتى غضّ الإهاب لم أشبّ عن الطوق بعد إذ كانت رحمها الله تقول (يا ولدي بات مظلوما ولا تبات ظالما وحتشوف كيف حقك يجيك من فم الأسد إذا مو في الدنيا.. في الآخرة) رحمك الله يا أمي صدقت فو الله الذي لا إله إلا هو ما ازددت على الغبن إلا تفاؤلًا وراحة واستبشارًا بالخير فالمقياس ليس كلّه بما نحصل عليه في الدنيا الفانية فما عند الله خير وأبقى.. وسوف يظهر هناك من المفلس الحقيقي..!! فلك الحمد يا رب على كل حال وفي كل حال، هذا ما يجب على المرء أن يستشعره في كل حين.. أنها مقاييس تقويم النفوس والطمأنينة التي يفتقدها بعض من يملكون المال والجاه ويستمرؤن الظلم والغدر وهم في الضلالة يعمهون..، والحياة مهما طالت قصيرة عند من أنعم الله عليه بالفهم والوعي والتقوى والإيمان الذي تفضّل الله به عليه من خلال التنشئة الطيبة في الأسرة الطيبة التي ترجو ما عند الله وتؤثره ولو كان بها خصاصة أو حاجة..، سبحان الله الذي جعل للتقوى والصلاح طعمًا طيبًا لا يحسّه ولا يتذوقه المرضى الذين ينشأون على ضعف الإيمان وحب المال والشهوات وارتكاب ما يغضب الله في سبيل التكسّب دون خوف من الله أو يقظة من ضمير ولكل من يظن أن اعتماده على الناس ينفعه وينسى رب الناس واللجوء إليه عند مواجهة الأعداء نذكّره بقوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) بلى يا رب ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) وقال تعالى: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) صدق الله العظيم. تلك هي الثقة بالله والقوة به مهما واجهك العالم بأسره طالما أنك تخشى الله وأنت على حق. alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (45) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :