من الضروري تـحوّل الإدارات الطبية إلى أنظمة إليكترونية والاهتمام بنظام الـملف الإليكتروني الموحّد للمريض تـجنبًا لازدواجية العلاج وتسهيلا للخدمات الصحية الـمقدمة له. لكن من الملاحظ أن بعض تلك الأنظمة الإليكترونية لا تـخدم الرعاية الصحية كما ينبغى، نتيجة تركيزها على عناصر الأطباء بشكل غير مهني يجعل من الطبيب أساس تشغيل تلك الأنظمة التي تعمل على إسداء جميع خطوات الرعاية الصحية للمريض من خلال الطبيب فحسب، فجعلته الـمسؤول الـمباشر عن جميع شؤون الـمريض الطبية الـمتخصصة وغير الـمتخصصة، فعلى عاتقه تقع مسؤولية إعطاء المواعيد وإدخالها في النظام، والانشغال بطباعة الإجازات الـمَرضية، وإعادة إدخال وصفة العلاج الـمتكررة في النظام مرات ومرات، والإسراع في كتابة كل الـمعلومات المهمة وغير المهمة عن المريض، وغيرها من الـمهام التي من المفترض أن يقوم بـها غيره من الموظفين، بحيث ينتظر المريض بسبب ذلك أوقاتًا مضاعفة عن التي كان ينتظرها قبل تشغيل تلك الأنظمة الإليكترونية، فقد تم تخفيف العبء على الخدمات المساندة من تمريض وموظفي مواعيد وغيرهم، الذين ينتظرون فحسب انتهاء الطبيب من إدخال جميع البيانات المتعلقة بالمريض بنفسه، فالطبيب بهذا هو المسؤول الأوحد والـمُلام الأساس على كل ما يتعلق بالـمريض من الناحية الصحية، وحتى بعض أموره الإدارية. من ملاحظات كثير من الأطباء والـمرضى، اختصار الوقت النوعي الذي يحتاجه الطبيب ليتواصل فيه بشكل إنساني مع مريضه، إذ لم يعد لديه الوقت لكشف طبي معتبر ولا لأخذ تاريخ مرضي دقيق، فالمطلوب منه خانات صحية وإدارية كثيرة يجب عليه كتابتها بشكل شخصي وسريع، وإلا يُعتبـر وكأنه لم يعاين الـمريض. من واجب تلك الأنظمة الإلكترونية كما هو معمول بـه في الأنظمة الصحية الـمتقدمة، أن تسهّل عمل الأطباء لا أن تعقّده أكثر، وأن تقلّص العبء الكتابي والتقني من على عاتقهم لاحتياجهم للتركيز في إتقان التشخيص والعلاج، ولا تدفنهم في ركام الإجراءات الإلكترونية والإدارية التي هي من مهام مساعدي الوحدة (من غير الأطباء) ومن ضمنها إدخال البيانات والأوامر من الطبيب المعالج، عوضًا عن تحويل الطبيب من عمله الـمهني الـمتخصص إلى «مُـدخل بيانات» لـمجرّد تلبية رغبة الإدارات الطبية في تنفيذ النظام على حساب الأطباء، والـمخاطرة بالرعاية الصحية وتعرّض المريض للتأخير أو صحّته - في بعض الأحيان - للخطر، ومن المؤمّـل من الإدارات الطبية الاهتمام بشكل مهني بأنظمتها الصحية الإلكترونية تجنبًا لأي مغامرة لا تُحمد عقباها. abkrayem@gmail.com
مشاركة :