تخبط حكومي بمسجد الرومي

  • 7/18/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كشف قرار إزالة مسجد شملان بن علي بن سيف الرومي التاريخي تخبط الحكومة وغياب التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية وانعدام رؤيتها في المحافظة على الأماكن التاريخية والأثرية، وسط تنصل الجميع من تحمل مسؤولية الهدم. بدأت الشرارة بعد أن ألصقت إدارة مساجد محافظة العاصمة، التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إعلاناً على مسجد شملان الرومي يفيد بإغلاقه تمهيداً لهدمه ونقله إلى موقع آخر، مما أثار حفيظة المغردين على «تويتر» الذين أطلقوا هاشتاق «أوقفوا_هدم_مسجد_ الرومي»، نظراً لتاريخية المبنى الذي شيد عام 1893 أي قبل أكثر من 120 عاماً. وشكلت تلك التغريدات والتفاعل معها حملة شعبية كبيرة للمطالبة بإلغاء القرار، انضمت إليها مطالبات نيابية وصلت إلى حد إعلان استجواب وزير العدل وزير الأوقاف يعقوب الصانع، إذ أكد النائب راكان النصف أن «قرار هدم المسجد سيحمّل الصانع المسؤولية السياسية، لاسيما أنه يعني هدم جزء من التاريخ». وأعلن النائب أحمد القضيبي أنه إذا تم المضي في هذا القرار فإن الصانع «سيكون على منصة الاستجواب في دور الانعقاد المقبل»، مشيراً إلى أن «هذا المسجد شاهد على تاريخ الكويت». وبينما طالب النائب سلطان اللغيصم، وزير الأوقاف بوقف هذا القرار غير المبرر، لأنه معني بـ«بيت من بيوت الله، وبتاريخ وطني وإسلامي»، دعا النائب د. عبدالله الطريجي رئيس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك إلى التدخل وإصدار أوامره بوقف الهدم، واصفاً إصرار الصانع على الهدم بأنه «استهتار بتاريخ يعشقه الكويتيون». وفي الاتجاه ذاته، أكد النائب علي الخميس أنه «إذا لم يوقف وزير الأوقاف قرار هدم مسجد الرومي فإنه يضع نفسه في مواجهة أمام الشعب والمجلس». وضمن سياق الاعتراضات على قرار الهدم، امتدت الدائرة إلى أعضاء المجلس البلدي الذين طالبوا بوقف القرار، إذ ناشد نائب رئيس المجلس مشعل الجويسري مجلس الوزراء عدم إزالة المسجد الواقع في منطقة شرق (المطبة) بوصفه من الآثار التي مر عليها أكثر من 100 عام. وتساءل عضو «البلدي» فهد الصانع: «هل المشروع المزمع إنشاؤه أهم لدى الدولة من مسجد أثري له قيمته التراثية والتاريخية؟» مستغرباً: «كل دول العالم تفخر بتراثها إلا الكويت تهدم إرثها وتطمسه». أما زميله العضو د. حسن كمال، فقال: «نطالب دائماً بالإبقاء على المباني القديمة كمسجد الرومي، لأنه يمثل تاريخ الكويت وثقافتها وحضارتها، ويربط الماضي بالحاضر». وأمام تلك الحملة، لم يجد الوزير الصانع سوى مهاجمة النواب، حيث اعتبر أن «بعض النواب يتسرع في اتخاذ المواقف دون تروٍّ أو حتى استفسار... والأوقاف موقفها واضح، وهي ضد الهدم»، مضيفاً، في حسابه على «تويتر»، أنها «ناشدت الأشغال عدم هدم المسجد لأنه تراثي، ولكن القرار كان اتخذ سابقاً». وفي تقاذف للمسؤولية، قالت «الأوقاف» في بيان، على لسان الناطق الرسمي باسمها رومي الرومي، إن «إغلاق المسجد جاء بعد صدور قرار مجلس الوزراء بهدمه ونقل مكوناته الأثرية إلى مسجد بديل مزمع إنشاؤه، نظراً لاعتراض مسجد الرومي صيانة طريق الدائري الأول وتوسعته»، في حين أكدت وزارة الأشغال، على لسان وكيلتها عواطف الغنيم، أن الوزارة حصلت على موافقة «الأوقاف» ورخصة الهدم من بلدية الكويت. في السياق علمت «الجريدة»، من مصادر مطلعة، أن «الأشغال» تسلمت مفاتيح المسجد من «الأوقاف» بمحاضر رسمية، مبينة أن بقاءه في مكانه يتعارض مع المرحلة الثانية من مشروع تطوير الدائري الأول. كل ما صنع قبل 40 عاماً يعد آثاراً اعتبرت المادة الثالثة من المرسوم الأميري رقم 11 لسنة 1960، الخاص بقانون الآثار، أن كل ما صنعه الإنسان أو أنتجه أو شيده قبل 40 سنة ميلادية، من الآثار الواجب دراستها وتسجيلها، وصيانة ما تجدر صيانته منها، في حين نصت المادة الأولى على أن تحافظ الكويت داخل حدودها على الآثار القائمة فيها، صيانةً لتراثها الثقافي الذي تركته عصور ماضيها المتعاقبة. أما المادة الثانية من القانون فأناطت بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مهمة الحفاظ على الآثار، وتقدير الصفة الأثرية والتاريخية للأشياء والمواقع والمباني، إلى جانب الحكم بأهمية كل أثر وتقرير ما يجب تسجيله منها وصيانته ودراسته والانتفاع به. «هابيتات»: يفترض إدراجه في الآثار العالمية قالت د. أميرة الحسن، مساعدة رئيس مكتب بعثة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (هابيتات) أنه كان مفترضاً أن تسعى الكويت إلى إدراج مسجد الرومي ضمن قائمة الآثار العالمية، لا استصدار قرار بإزالته، لاسيما أنه مسجد تاريخي وشاهد على الطرق المعمارية التي كانت سائدة في تلك الفترة. وتوقعت الحسن، في تصريح لـ«الجريدة»، العدول عن قرار الإزالة، لاسيما أنه ليس آيلاً للسقوط، مؤكدة أن هذا المسجد «مثال حي على طريقة البناء وخلطاته، ويحمل بين أروقته أسرار البناء، كما يقدم نموذجاً فريداً لتكيف الفرد مع الواقع المعيش عبر وسائل التبريد والإضاءة»، ومعتبرة أنه شاهد ومعلم حضاري يمكن لطلبة المعمار الاستزادة والاستفادة منه. وأضافت أن الشعوب تفتخر بتراثها، «لذا سعت الأمم المتحدة إلى الحفاظ على هذا الإرث الإنساني والعمراني وصيانته من الاندثار»، مشيرة إلى أن دولة الكويت موقعة على اتفاقيات الاستدامة المعمارية، «لذلك يجب التريث قليلاً قبل المضي نحو هدم المسجد».

مشاركة :