صباح الحرف - مطاردة السعوديات!

  • 10/12/2016
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

في تهــامة مـــثل شعبي عميق المعنـــى يقـــول: «عــــاري يطــــرد مـوزر»، والمعنى هو السخرية من حال رجل عارٍ ليست لديـــه ملابس يطارد رجلاً لا يستر جسده إلا المئزر، وكان الأولى به مطاردة من تثقل الملابس جسده، أو لعلها السخرية الأعمق من اثنين حالهما متعب، وأحدهما يبحث عن راحته لدى الآخر. لم أستطع مغالبة فكرة تخيل عامل آسيوي مغترب يطارد امرأة سعودية تحمل في يدها رزمة صغيرة من الأوراق المالية، وهو يريد مقاسمتها إياها، وهي لا تهرب منه بقدر ما هي تحاول بركضها أن تسير أطول مسافة ممكنة ليزداد عدد من يراها لعلهم يعرفون أن يذهب نصف راتبها الشهري المتواضع. إنها صورة كاريكاتورية خطرت لي عن موظفات القطاع التجاري في المستلزمات النسائية وفي غيره من قطاعات التجزئة والخدمات ممن حاربن طويلاً حتى الوصول الى مرحلة القبول بفكرة عملهن، واليوم سيواصلن الكفاح في إقناع المجتمع، بعض أفراد المجتمع بمعادلة حسابية بسيطة هي أن دخلهن في المتوسط يراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف ريال، والسائق يستقطع منهن بين 1500 و2000 ريال عدا مصاريف إعاشته وسكنه، بمعنى أنه يناصفهن تقريباً. إذا أخذنا في الاعتبار أن العاملات في هذه الوظائف محدودات التعليم غالباً، ومن أسر متوسطة ومنخفضة الدخل فهن يعملن لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن، فكيف يتسق الهدف مع الحال التي يعيشون مع السائقين؟ بل أعتقد أن حتى من يعملن من دون حاجة مالية، إما لإثبات الذات، أو الرغبة في الإنتاج، أو حتى عشقاً وإعجاباً بمجال عمل معين يرين فيه مستقبلهن كمديرات ومستثمرات، حتى هؤلاء الفتيات لا يعقل أن يقاسمهن السائق نصف عرق جبينهن لمجرد أنهن لا يستطعن قيادة السيارة، أو لمجرد أن هناك من يرى في أمر طبيعي وعادي في كل الدنيا استلاباً وتغريباً وإلى آخر الأسطوانات المشروخة التي مل الناس منها. اليوم تعيش السعودية واقعية اقتصادية، وسواء اتفقنا أم اختلفنا مع بعض حول إجراءات هذه الواقعية، فإن سمتها العامة التقشف وتقليص الإنفاق، ورفع الإنتاجية، وإذا كنا نريد إشراك نصف المجتمع المعطل في الإنتاج، فلا يمكننا أن نقحم عليه من يناصفه هذه الإنتاجية والعمل لأن هناك من يعارض طبيعة الأمور والأشياء لمجرد معارضتها. لقد منعـــت كثيـــر من ملامــــح الحياة الطبيعـــية لحجج واهية وواسعة، واسعة جداً لدرجة أنه لم يعد في الإمكان مواصلة تصديقها، فضلاً عن العمل بمقتضى الخشية والخوف منها. لدي إحســاس أن المجتمـــع السعودي ومعه مجتمع المقيميـــن سيصابون بالذهول من كم الأعمال والوظائف الصغــــيرة التي ستحتلها النساء السعوديات بمجرد أن يستطعن الحركة من دون أن يقاسمهن أحد عوائد الكدح والعمل الشريف، التي سيغيرن بها واقع أرقام السعودة، وواقع تحويلات الأجانب، وواقع إلصاق التهم جزافاً بالشباب السعوديين من الجنسين. سيتنفس كثيرون الصعداء عندما يرونها ذهبت بنفسها لمكان عملها من دون أن يحدث شيء من القنابل الاجتماعية والأخلاقية التي يهددهم بها البعض، وهذا بالضبط ما حدث عندما ذهبت إلى الأسواق والمراكز التجارية وعملت وأنتجت، ولكنها تدفع نيابة عن رجال بلدها «إتاوة» لرجال آخرين مغتربين هم في المخيلة المريضة من سيحمونها من رجال بلدها‍!     mohamdalyami@gmail.com

مشاركة :