برة وجوة \بقلم داود الفرحان \ قلادة الرئيس الفنزويلي تشافيز

  • 10/28/2016
  • 00:00
  • 63
  • 0
  • 0
news-picture

حين سأل الصحافيون الإندونيسيون في مطار جاكارتا الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز عن رأيه في الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أجاب: «إنه سائق بارع»! زار تشافيز بغداد لمدة 24 ساعة في أغسطس (آب) عام 2000م وكان بذلك أول رئيس أجنبي يزور العراق منذ حرب الكويت في عام 1991م. وقال تشافيز للصحافيين: «إن صدام سائق بارع؛ فقد قاد السيارة المرسيدس بنفسه عندما قمنا بجولة في شوارع بغداد». وفي مؤتمر صحافي عقده في قصر المؤتمرات الذي صار اليوم مجلساً للنواب سألتُ تشافيز عن دور بلاده في كسر الحصار الاقتصادي الجائر الذي كان مفروضاً على العراق، فأجابني أن زيارته هذه هي اختراق للحصار. وحين سأله مراسل وكالة رويترز عن رأيه في تنديد الولايات المتحدة بالزيارة ضحك وأمسك قلادة حول رقبته وقال: «إن هذه القلادة التي أهدتني إياها أمي تحميني من الحسد والاغتيال والتنديد». لكن القلادة لم تحمه من المرض الخبيث والنوبة القلبية فتوفي في عام 2013م بعد أن تحول إلى ظاهرة شعبية في أمريكا اللاتينية تُذَكرّ الناس بالمناضل الأرجنتيني أرنستو تشي جيفارا وتستلهم مواقفها من أفكار الزعيم الفنزويلي سيمون بوليفار محرر معظم دول أمريكا اللاتينية من الاحتلال الإسباني في القرن الثامن عشر. من حسن حظ العالم أن بعض السياسيين «دمهم خفيف»، ومن هؤلاء كان تشافيز في فنزويلا، ومعمر القذافي في ليبيا، ونيكيتا خروشوف في الاتحاد السوفييتي، وكيم جونغ أون في كوريا الشمالية، وعيدي أمين في أوغندا، وبوش الابن في الولايات المتحدة، وبرلسكوني في إيطاليا، ومحمد مرسي في مصر. لسبب ما كان تشافيز الأكثر شعبية من جميع الأسماء التي ذكرتها، فهو رجل ضاحك ومضحك. كانت ملابس القذافي ولغة «الزنقة زنقة» كافية لتسلية الناس. وكان حذاء خروشوف في الأمم المتحدة أكثر شهرة من حذائي شارلي شابلن ومنتظر الزيدي. ولعل أغرب طريقة للإعدام هي تلك التي ابتدعها الرئيس الكوري حين سدد إلى عمه قذيفة مدفع مضاد للطائرات. أما ثلاجة عيدي أمين التي كان يحتفظ فيها باللحم البشري المُتبّل فحكايتها حكاية. حاول بوش الابن أن يتقمص دور الكاوبوي جون واين فأضحك شعوب العالم على بلاده وبلادته. حكم برلسكوني إيطاليا لمدة عشر سنوات على ثلاث فترات وكان يفتخر بلقب كازانوفا. ومحمد مرسي هو الرئيس العربي المضحك الآخر بعد القذافي، فنافس عادل إمام على لقب زعيم الكوميديا العربية. أعود إلى تشافيز بعد أن عادت إليه صحيفة «نيويورك تايمز»، فقالت إنه كان قادراً على إشعال حماسة الجماهير في برنامجه الرئاسي التلفزيوني اليومي الذي يستغرق ثلاث ساعات متصلة، بل إن إحدى حلقاته دامت 8 ساعات و7 دقائق! إنه لأمر مضحك أن يُجبِر تشافيز الشعب الفنزويلي على مشاهدة برنامجه الذي يطارد الجميع عبر المحطات التلفزيونية المحلية. لقد جربنا شيئاً من هذا القبيل في العراق حين كان خطاب أو نشاط الرئيس الراحل صدام حسين يذاع كاملاً لمدة ثلاث ساعات متصلة في نشرة أخبار الساعة التاسعة مساءً في القناة التلفزيونية الوحيدة، وما أن ينتهي الخطاب أو النشاط حتى يظهر المذيع ليختتم «النشرة» بدون أي أنباء داخلية أو خارجية، ثم نشاهد أنشودة وطنية عنوانها «ما يهمنا كل اللي صار» تعقبها مباشرة نشرة أخبار منتصف الليل التي تعيد وتصقل نص الخطاب أو النشاط «كلاكيت ثاني مرة». لم يكن أمامنا في ظروف الحصار الجائر إلا النوم وفيه سبع فوائد ليست مفيدة. لكن برنامج تشافيز لم يكن مجرد «توك شو» مثل تلك البرامج التي نشاهدها في الفضائيات؛ فقد كان «مكتباً تلفزيونياً» للرئيس يُغني فيه ويعلق على الأحداث ويقيل وزراء ويُعين آخرين على الهواء مباشرة! الخبر السعيد لمن فاتته حلقات برنامج الرئيس الفنزويلي أن هناك أملاً في «تجديد الخطاب الرئاسي» على غرار «تجديد الخطاب الديني»، لكن البطل هذه المرة المرشح الجمهوري دونالد ترامب إذا فاز بمنصب رئيس الولايات المتحدة. ولترامب ميزة أخرى غير شعر رأسه الكثيف وثروته الضخمة وهي أنه على استعداد لتقديم برنامج تلفزيوني من نمط «التوك شو» مستفيداً من خبرته السابقة في تقديم عروض ملكات جمال أمريكا. فأبشروا يا بني عبس وأولاد عدنان وأولاد قحطان «ليلتنا نجف إن شاء الله» بالمصري و«دَقّ إصبعتين للصبح» بالعراقي!

مشاركة :