برة وجوة \بقلم داود الفرحان \ «نامستي» بالهندي والباكستاني

  • 12/2/2016
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

مثلما كانت بريطانيا سبب ضياع فلسطين في عام 1948م، كانت هي نفسها سبب مشكلة كشمير بين الهند وباكستان في عام 1947م. وعُرف إقليم كشمير منذ أيام الفتوحات الإسلامية بقيادة القائد الأموي البارز محمد بن القاسم بن محمد الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن متعب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفي، الشهير بمحمد بن القاسم الثقفي. وله في بغداد منذ ثمانينيات القرن الماضي جسرٌ بري يحمل اسمه ويمتد من شمالي شرقي بغداد إلى جنوبها، وهو واحد من أطول الجسور البرية في المنطقة في استذكار وتذكير بأطول وأبعد رحلات الفتوحات الإسلامية. كانت كشمير بداية الفتح الإسلامي العربي لبلاد الهند والسند والقلعة الحصينة التي دافعت عن الإسلام طوال أكثر من 14 قرناً. وظل الإقليم صامداً وسط تنازع عنيف عليه بين الصين والهند وباكستان وأفغانستان. وانحصر النزاع منذ نهاية الأربعينيات من القرن الماضي بين الهند وباكستان وتسبب في حروب دامية بينهما لم تنفع معها وساطات الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية وتحيات «السلام عليكم» بالباكستاني و«نامستي» بالهندي. في الحرب كانت المدافع تهدر بين البلدين، وفي السلام كان الطرفان يتبادلان القصف بالنكات الهندية على الباكستانيين، والنكات الباكستانية على الهنود! وهو أمر كان له شبيه في العراق طوال العقود الأخيرة بتبادل القصف بين الأنظمة العراقية المتعاقبة والأكراد المحصنين في الجبال، وحين يهدأ القصف المدفعي يندلع التنكيت العربي على الأكراد الذين كانوا يردّون الصاع صاعين بالتنكيت على العرب. والحكيم الوحيد في هذه الحرب الضاحكة كان الرئيس السابق جلال الطالباني الذي كان يُنكت على الجانبين بلا تحفظ! وقبل أن يتهمني القراء بإلقاء محاضرة عن الفتوحات الإسلامية، أعود فوراً إلى باكستان والهند اللتين لجأتا إلى السينما في البلدين لمداواة جراحهما ونشر السلام بينهما. وشاهدت مؤخراً أكثر من فيلم سينمائي هندي يشارك فيه ممثلون باكستانيون. لكن هذا الاتجاه توقف بعد قرار هندي بحظر مشاركة ممثلين باكستانيين في أفلام هندية، وفي المقابل قررت إسلام آباد منع عرض جميع الأفلام الهندية في باكستان. والسبب يرجع بنا إلى بداية هذا المقال: كشمير؛ فالمتطرفون الهندوس ضغطوا لوقف التعامل مع الممثلين الباكستانيين بعد أن حظرت باكستان على محطاتها التلفزيونية وإذاعاتها ودور السينما فيها عرض أي فيلم أو برنامج بمضمون هندي حتى وإن كان عن البهارات الهندية! وزادت باكستان على ذلك بمنع بيع أطباق استلام البث التلفزيوني الفضائي التي يمكن أن تلتقط القنوات الهندية.. ولا عزاء لبوليوود التي تنتج وحدها ربع عدد أفلام العالم ويشاهدها يومياً أكثر من 25 مليون نسمة بينهم زوجتي. في هذه الحرب السينمائية بين البلدين سيخسر الشعبان الهندي والباكستاني اللذان كانا شعباً واحداً في دولة واحدة. ولأن العرب اكتووا بنيران الحروب الإقليمية والداخلية فإنهم يتعاطفون مع الهنود والباكستانيين ويأملون أن يراجعوا موقفيهما من السينما لأنها أقدر بكثير على إحلال السلام بين البلدين من المدافع وافتتاحيات الصحف. لقد وحدت السينما العربية، وأعني السينما المصرية بالذات، بين العرب في أقطارهم ومدّت جسور العروبة والثقافة والتنوير عبر نجيب الريحاني وإسماعيل ياسين وعادل إمام وشادية وفريد شوقي، مثلما فعلت المسلسلات التلفزيونية رأفت الهجان وأبو العلا البشري وليالي الحلمية وفوازير رمضان، ومثلما فعل في الغناء محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز وفريد الأطرش وليلى مراد وأسمهان وماجدة الرومي وعبد الحليم حافظ وكاظم الساهر وملحم بركات ووديع الصافي وصباح فخري وحسين الجسمي.. والبورسعيدي والإسكندراني والسوهاجي والقناوي والسيناوي والمحلاوي وشعبان عبد الرحيم.

مشاركة :