2016/10/27 قبل عدة سنوات سألني صحافي زميل عما إذا كانت حسابات الشعراء المتوفين سواء المحدثين كالبردوني ونزار قباني وجبران خليل جبران وغيرهم أو القدماء كالمتنبي والمعري وأبي تمام وغيرهم على تويتر إضافة لهم ولامتدادهم الأدبي والشعري، أم لا، وما إذا كان ال 140 حرفاً كافية لإيصال أدبهم وأشعارهم للأجيال الجديدة! فأجبته يومها « بأن كل نافذة جديدة يمكن أن تنفتح على آفاق الشعر أو الأدب بشكل عام وتستطيع المساهمة في إيصاله إلى القارئ المتذوق هي وسيلة مفيدة ومطلوبة ويجب تعزيز وجودها. وتويتر في الآونة الأخيرة أصبح أحد أهم النوافذ التي يستطيع الشاعر من خلالها أن يطل على قرائه ومتذوقي شعره بطريقة سهلة ولحظوية وغير مكلفة تقريباً. وبالتأكيد يستوي في ذلك الشعراء المعاصرون والقدماء أيضاً، فقد أصبح الشعر أحد مفردات الحياة اليومية واقترب كثيراً من الجميع وصار أحد وسائل التعامل اليومي بين مستخدمي هذا الموقع التواصلي الشهير. ومن يستخدم تويتر يلاحظ بسهولة كيف أن الكثيرين حولوه إلى واحة أدبية شعرية منوعة، وكيف صارت الأبيات الشعرية التي يكتبونها بأنفسهم أو ينقلونها لآخرين متداولة بشكل أسهم في تكريس أسماء هؤلاء الشعراء لدى الأجيال الشابة تحديداً. وأنا أظن أن تركيبة البيت العربي الكلاسيكي تتناسب والمساحة التي يمنحها تويتر لمستخدميه في كل تغريدة، فكل بيت من الشعر يعتبر تغريدة كاملة المواصفات من حيث الحجم تقريباً. طبعاً هذا ينطق على البيت الشعري في القصيدة العمودية تحديداً، أما الشعر الحديث كقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر فعلى من يريد نقله إلى تويتر أن يتوخى الحرص كثيراً، لأن القصيدة الحديثة لا تعتمد على وحدة البيت الشعري، بل هي استرسال متماسك من الشعر، ولذلك على من ينتقي من القصائد أن يحاول انتقاء وحدة شعرية عضوية متماسكة نسبياً حتى لا يخل بالمعنى الذي يريده الشاعر غالباً. وعلى أية حال ليس المطلوب من تويتر أن يكون مصدراً من مصادر أشعار هؤلاء الكبار مثلاً ولكنه على الأقل يصلح جداً لكي يقدم لنا اقتراحات شعرية يومية ويشجع محبي الشعر على توسيع آفاقهم الشعرية كما يشجع غيرهم على القراءة الشعرية اليومية والمساهمة في جعلها عادة جميلة. كما أن تويتر يسهم أيضاً في الإشارة إلى الكتب والإصدارات الشعرية الجديدة في دور النشر والمكتبات العربية. وكثير من دور النشر استغلت هذا الموقع الشهير والمنتشر لترويج كتبها الأدبية ونجحت في مهمتها فعلاً». راجعت إجابتي تلك قبل أيام وأنا أرى تويتر حافلاً بالكثير من الأبيات الركيكة، والعبارات الغبية المنسوبة لشعراء وكتاب عظام بأخطاء إملائية ولغوية ونحوية وأسلوبية، وتتداول على نحو واسع. وما ساءني أكثر أن بعض الكتاب المحترفين أصبح يعتمد على تويتر مصدراً من مصادره في الاستشهاد الشعري بمقالته، ما وسع من رقعة التزييف والانتحال والأخطاء الثقافية والجمالية أيضاً خارج دائرة حسابات التواصل الاجتماعي. وهذه مشكلة حقيقية لا بد أنها ستتفاقم مع الوقت في ظل ما أسميه بواقع التوحش المعرفي السريع.. فما الحل؟
مشاركة :