مفازات \ تقطعها سعدية مفرح \ على قيد الشعر وحسب!

  • 8/4/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ما موقع القصيدة من الإعراب في جملة الرحلة الكتابية التي أمضي على طريقها قدما منذ نقطة بعيدة جداً ولم أعد أتذكرها إلا كصورة غبشية مبهمة؟ أواجه نفسي بالسؤال كلما وجدتني في خضم الشعر الخالص، لأكتشف أنها تبقى تجربة.. مجرد تجربة، لا يمكنها أن تكتمل لأنها لا تريد أن تموت! وأنا سعيدة أن قصيدتي، بغض النظر عن التغيرات التي ألمت بها والمآلات التي انتهت إليها حتى هذه اللحظة، ما زالت تجربة مستمرة مفتوحة دائماً ولا أظنني قادرة على إغلاقها عند مستوى معين أو نقطة بعينها. أي أنني ما زلت أتعاطى مع الشعر باعتباره تجريباً مستمراً على اكتشاف الذات من خلال الحياة واكتشاف الحياة من خلال الذات. وعلى الاكتشاف المحض كمضمون حقيقي في مفردات حياتي اليومية وكمتخيل أيضاً يمضي بي وأمضي بها إلى العالم الافتراضي ليكون هو عالمي الحقيقي الوحيد. مثلًا.. لا أتخيل أنني كنت سأستمر في رحلة الحياة من دون قصيدة، أي قصيدة، لي أو لغيري، وبغض النظر عن شكل وهوية هذه القصيدة وفقاً لما هو متداول بين يدي الشعراء والنقاد والمتلقين أيضاً. ذلك أنني لم أعد مهتمة بما هو خارج الشعرية وحدها داخل القصيدة، فلم يعد يهمني البحث عن هوية أو تاريخ أو شكل خاص لها، وربما لم يعد يهمني البحث عن معنى محدد لها أيضاً وفقاً لمعاني اللغة كأداة تواصل بين البشر وتعبير عن النفس أمام الآخرين أو لهم. صحيح أنني جربت تدريجياً كل أشكال الشعر المتعارف عليها تاريخياً كالقصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، لكنني الآن لم أعد مؤمنة بأي شيء من هذا كله. لم أعد مؤمنة إلا بمحض الشعر غير المتكئ على أي تصنيف أو هوية أو تسمية. وأحياناً أتجاوز ما يقال ويكتب عن هذه القضية المتعلقة بأنواع وأشكال وتعريفات وتسميات القصيدة ذهاباً إلى ما ينبغي أن يكتشف ويجرب خارج حدودها المرسومة من قبل النقاد والذائقة التقليدية في تلقي القصيدة أيضاً. الشعر قبل التسميات وبعدها، وقبل التصنيفات وبعدها.. لأنها ببساطة فوق هذا كله. ولا أظن أن الشاعر ولا المتلقي بحاجة إلى الوقوف عند كل ما يقف عنده الباحث أو الدارس أو الناقد على سبيل المثال. محطات عديدة لا بد أنني مررت بها منذ أن نشرت قصيدتي الأولى وأنا على مقاعد الدراسة الجامعية، أتذكر بعضها، ويغيب عني بعض آخر منها، لكن ما يهمني ويفرحني أنني ما زلت أعيش الدهشة في خضم القصيدة. وما زال الشعر قادراً على انتشالي من كل تساؤلاتي ليلقي بي في بئر ملأى بالتساؤلات الجديدة التي تدور في قاع تلك البئر بدوامات مستمرة لإنتاج المزيد أيضاً. أحب أن أستبدل بالمحطات التي مررت بها أثناء رحلتي مع القصيدة الدهشات المتوالدة من بعضها. أحب أن أبقى على قيد الشعر وحسب!

مشاركة :