يتنازل الكاتب بموجب العقد عن حقوقه للناشر في استعمال مصنّفه بمختلف الأوجه، على أن تكون له نسبة مئوية عند ترجمته إلى لغات أخرى، أو تحويله دراميا. العربأبو بكر العيادي [نُشرفي2016/12/29، العدد: 10498، ص(15)] تتضمن عقود النشر في العادة شروطا تلزم الناشر والمؤلف، وتصاغ على نحو يضمن حقوق الطرفين، الأول بوصفه مؤسسة تجارية تنفق على صنع الكتاب وترويجه، والثاني بوصفه صاحب النص الذي لولاه ما وَجد الناشر ما يطبع وما يبيع. وقد جرت العادة، حتى في البلدان المتقدمة، أن يكون نصيب الكاتب هو الأدنى، لاعتبارات تضيق بها هذه الورقة، ولكنه نصيب على أي حال، يحصل عليه عند صدور الكتاب دفعة واحدة أو على أقساط، مثلما يحصل على نصيب من نسخ كتابه مطبوعا. ففي فرنسا مثلا، تصرف للكاتب تسبقة فور توقيع العقد، بحسب أهمية الكتاب ومكانة صاحبه، تُراجع لاحقا على ضوء المبيعات، مراجعة تفيد الكاتب إذا فاقت المبيعات التقدير، ولا يخصم منه ما ناله في حال كساد بضاعته، بل يعرض عليه شراء ما تبقى بسعر رمزي، قبل إتلافه. والتسبقة قد تصل إلى العشرات من الآلاف مع الكبار، وقد لا تتعدى الألفي يورو مع المغمورين. في المقابل يتنازل الكاتب بموجب العقد عن حقوقه للناشر في استعمال مصنّفه بمختلف الأوجه، على أن تكون له نسبة مئوية عند ترجمته إلى لغات أخرى، أو تحويله دراميا. فأين نحن من كل هذا بعد أن عمّت عالمَ النشر فوضى رهيبة، وصار الناشرون، في معظمهم، لا يبخسون الكتّاب حقوقهم فحسب، بل يفرضون عليهم شروطا مذلة، أقرب إلى الابتزاز، لا يقبلها إلا غرّ، أو راغب في رؤية مخطوطه منشورا بأي ثمن، ولو سدد ثمن الطباعة من جيبه. من هذه الشروط التي تكرم بها أحد الناشرين وأوردها صديق على صفحته بالفيسبوك أنه، ككاتب، لا حق له في نسبة من ثمن الكتاب ولا في بعض النسخ المجانية إلا إذا قدّم دعما ماليا مناسبا (كذا) لنشره، مع تحمله أجور الشحن. وفي غياب ذلك الدعم لا يُمنح حقوقه لا في الطبعة الأولى ولا في الطبعة الثانية، ولا يمكن أن يطمع في أكثر من عشر نسخ، يتحمل مصاريف شحنها بنفسه. كما يشترط هذا الناشر أن تكون حقوق النشر، بجميع اللغات، وبكل الأشكال، ولكل الطبعات، حقا خالصاً لمؤسسته، إضافة إلى انتفاعها أيضا بحقوق النسخة الإلكترونية. وأخيرا وليس آخرا، في حال حصول الكتاب على جائزة مالية، أو تمت الاستفادة من محتوياته، كلا أو جزءا، في الصحف أو المجلات أو الوسائل السمعية البصرية، يتم تقاسم العائد المادي مناصفة بين المؤلّف ودار النشر. ونتساءل بعدئذ عن تردي وضع الكاتب والكتاب في أقطارنا والحال أنهما الكفيلان بالنهضة المنشودة. كاتب تونسي مقيم بباريس أبو بكر العيادي :: مقالات أخرى لـ أبو بكر العيادي شروط أم ابتزاز, 2016/12/29 المسرح العالمي ينتصر للطروحات الحداثية بتقنيات سينمائية, 2016/12/22 معارض فرنسا بين الاستعادة والاستكشاف والمغامرة, 2016/12/13 بير كيركبي رسام الزمن المعلق في عري مطلق, 2016/12/12 بوب ديلان المتصهين, 2016/12/08 أرشيف الكاتب
مشاركة :