في كلِّ يومٍ نسمعُ عن نتائج دراسات وأبحاث جديدة، تُعلن هنا وهناك، منها ما يبدو منطقيًّا، ومنها ما يبدو غير منطقيٍّ على الإطلاق، فتارة نسمعُ عن دراسة تشير إلى أخطار بعض الأدوية، أو الأطعمة، علمًا أنَّ تلك الأدوية والأطعمة متداولة في السوق منذ عشرات السنين، ولم تُمنع، أو يُعلن عن تضرُّر أحدٍ منها، وتارة نسمع عن ظهور نتائج دراسة تشير أن ذلك المسلسل حصل على النسبة الأعلى في المشاهدة، وقد لا يعرف كثير من الناس عن هذا المسلسل، أو ذلك البرنامج، بل وقد لا يعرفون القناة التي يُذاع منها، وتارة يتم الإعلان عن نتائج استطلاع عن نسب معيَّنة لنتائج رضا عن خدمات بعض الجهات، وهي نسب مرتفعة قد تناقض ما هو موجود على أرض الواقع؛ ممَّا جعل العديد من التناقضات والاستفسارات تحيط بالعديد من نتائج تلك الدراسات والإحصاءات التي تحيط بها الشبهات والتحفظات. قد تكمن المشكلة في قيام بعض الجهات بوضع استطلاعات الرأي بنفسها عن أنشطتها، وخدماتها، ثمَّ تقوم بإعلان نتائج ذلك الاستطلاع، والذي عادة ما يتم بصورة إلكترونيَّة، وتكون بلا شك نتائجه إيجابيَّة، أو أن تقوم تلك الجهة بالتعاقد مع جهات استشارية وعند تقديم المختصر الخاص بالدراسة لتلك الجهة الاستشاريَّة فيكون هناك توجيه من قِبل الجهة المتعاقدة بشأن النتائج المؤمل الحصول عليها من الدراسة؛ ممَّا يساهم في تحفيز الرسالة للوصول إلى تلك النتائج، ولذلك فإنني أعتقد ضرورة أن لا تقوم الجهات بعمل دراسات عن نفسها، أو مستوى خدماتها وخصوصًا ما يتعلَّق باستطلاع الرأي في الخدمات، وأن يوكل هذا الأمر إلى جهات حكوميَّة محايدة، ومستقلة لمعرفة حقيقة مستوى خدمات تلك الجهات على أن يتم مراجعة النتائج وتدقيقها من قبل لجان علميَّة متخصِّصة وفقًا لطبيعة الدراسة وعدم الاتِّكال بشكل كامل على النتائج الإلكترونيَّة. نتائج استطلاع الرأي المعلنة، ونتائج بعض الدراسات عن بعض الخدمات أصبحت أشبه ما يكون بالمكياج وأدوات التجميل التي تعمد بعض الجهات على وضعها، وهي تعلم يقينًا بأنها تخفي أكثر ممَّا تُظهر، وأن نتائجها مشكوك في صحتها، فضلاً عن أن بعض تلك النتائج تبنى عليها قرارات حاسمة تمسُّ المواطنين، وبعضها يرتبط بوضع آليَّات قد تضرُّ بآخرين، وبعضها قد يستغل في مصالح تجاريَّة وبحوث تسويقيَّة، كما أنَّها تؤثر في مصداقيَّة باقي الدراسات العلميَّة الحقيقيَّة والتي قد تصدر من جهات علميَّة موثوقة. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :