في تقرير مؤسسة الملك خالد الخيرية عن «تحديد خط الفقر وخط الكفاية» توصيات مهمة أتوقف عند واحدة منها تتعلق بالزكاة وتوصي بالسعي لرفع قدرة الهيئة العامة للزكاة والدخل على تحصيل الزكاة من المكلفين بها. التوصية تركز على ثلاث نقاط، هي تضمين مشروع نظام جباية الزكاة نصوصاً تفرض غرامات على المتأخرين عن السداد أو تقديم إقراراتهم الزكوية، تجريم التهرب الزكوي في حال ثبوته من خلال مشروع نظام جباية الزكاة، والسماح للمكلفين بتوجيه 20 في المئة من زكاتهم إلى الجمعيات الخيرية لتتمكن من القيام بدورها في تقديم العون والمساعدة للفئات المستحقة للدعم. حسناً، يبدو تجريم عدم دفع الزكاة مقبولاً كممارسة، لأنها ركن من أركان الإسلام، والسعودية تجرم من لا يؤدي الصلاة عبر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كانت العقوبات لا تتجاوز التعهد والحجز لساعات لكنها تظل تفرض الصلاة وهي مفروضة كركن ولا تفرض الزكاة، كما أنها تمنع منعاً قاطعاً المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان، والصوم أيضاً ركن من أركان الاسلام. لكن التجريم كفكرة يتقاطع مع الإكراه، والإسلام كله قائم على القناعة والقبول، وربما يكون هذا الشأن ضمن طروحات علماء الدين ليخبرونا عن إمكان ذلك. الزكاة هي أعظم نظرية اقتصادية تطبيقية تعالج الفقر ومشكلات المجتمع، وهي ليست علاجاً للفقراء والمحتاجين فحسب، لكنها أيضاً علاج روحي ونفسي ومالي لأصحاب الأموال التي تجب عليهم الزكاة، فالتخلي عن المال لمصلحة الغير يتطلب إيماناً عميقاً بحكمة هذه الممارسة الجميلة التي تعد من ركائز استقرار المجتمعات. في السعودية تدفع الشركات المساهمة زكاتها بدقة لخضوعها لمراقبة وتدقيق أكثر من جهة، وتدفع بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص الزكاة لأن معاملاتها تتوقف إذا لم تفعل ذلك، لكن يبقى قطاع الأفراد هو محور النقاش والتساؤل، ففرض الزكاة عليهم بالقوة يبدو صعب التطبيق. أعتقد أن ما تحتاج اليه هيئة الزكاة هو مزيد من التوعية، فالخيرية في الناس موجودة وملموسة، بدليل استجابتهم الدائمة للحملات الشعبية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين لإغاثة كثير من الشعوب المنكوبة. أيضاً تجدر الإشارة إلى أن علماء الدين في السعودية اجتهدوا إيجاباً وأجازوا بفتاوى رسمية صرف الزكاة في مصارف حديثة تدعم وتساعد فئات معينة كانت مساعدتها تتم كصدقة وليس كزكاة على المال، والفرق معروف. النقاش يدور اليوم حول صرف الزكاة لذوي الدخل المحدود، وهؤلاء محل خلاف يجب ان تتكاتف الحكومة وهيئة كبار العلماء على دراسة أمرهم وإفتاء الناس فيه.
مشاركة :