صباح الحرف - التأمين على الأخلاق

  • 2/15/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أسعار التأمين على السيارات في السعودية مرتفعة جداً بالمقاييس العالمية، ومنذ أشهر والسجال قائم إعلامياً بين شركات التأمين والرأي العام، الأولى ضاعفت الأسعار، والثاني يمارس «التنفيس» عبر الشكوى من دون طائل. كيف تحصل على التأمين في السعودية؟ تدخل فرع إحدى شركات التأمين، تعطيهم رخصة سير ورخصة قيادة سارية المفعول، وتملأ استمارة وتدفع، وتخرج بوثيقة تأمين! مارست شخصياً هذه العملية أربع أو خمس مرات، لم يخرج موظف الشركة ليلقي نظرة على السيارة، على مصابيحها على الأقل، والتي يمكن أن يكون تعطلها سبباً في حادث، لا يسألون عن فحص دوري ساري المفعول! وحتى لو سألوا عنه مستقبلاً فآلية استخراج شهادة الفحص الدوري تعتمد نظام الجباية أكثر من نظام الأمان، بدليل انتشار العديد من ورش الإصلاح الموقت بجوار محطة الفحص، تقوم بعمليات «ترقيع» تساعد على النجاح في الفحص. قد تستغربون أني لا ألوم شركات التأمين كثيراً، فالفوضى في عالم السيارات وقيادتها وإصلاحها، والحصول على رخص قيادتها، عارمة، والشوارع تقول لنا كل يوم إن الناس بررت لنفسها بسبب الازدحام الشديد وعدم وجود استيعاب في الطرقات الرئيسة سلوكيات متهورة وخارجة عن الخلق الإسلامي، وعن أخلاق القيادة، وعن اتباع معايير الأمان، والحرص على سلامة الناس والممتلكات العامة. عدد الحوادث كبير جداً، وشناعتها تصيب بالهلع، وكمية المراهقين، والسائقين المستقدمين بلا خبرة، والعمالة التي تتعلم القيادة في الشوارع، كبيرة جداً، وأصبح الداخل إلى بعض الطرقات في بعض المدن مفقود، والعائد إلى منزله مولود. أي شخص يستطيع أن يصبح قائد أجرة عامة، وأي سيارة مع دخول التطبيقات الذكية لشركات الأجرة يمكنها أن تصبح سيارة نقل أشخاص، وكثير من سيارات الأجرة نتيجة العلاقة بين الشركات والسائقين المعتمدة على نظام المبلغ الثابت من السائقين تفتقر إلى أبسط مقومات السلامة، لأن الشركات لا تراقب، والسائقين لا يهتمون. كل ذلك يجعل أي مستثمر في التأمين على المركبات كمن يدخل إلى غابة مجهولة فيلجأ إلى أبسط الحلول، رفع الأسعار، وبما أن التأمين إلزامي، فعلى الجميع الرضوخ. إصلاح سوق التأمين يبدأ من إصلاح «المرور» جذرياً، ومن تعظيم العقوبات، وتطبيقها بدقة، ومن تجريم كل من يرتقي بسيارته رصيف مشاة بدعوى الزحام، يخربه، ويخرب الشجر والحواجز التي يصرف عليها من المال العام الكثير. إصلاح سوق التأمين لا بد له ومعه من إصلاح لسوق إصلاح وسمكرة السيارات التي يعيش أصحابها في بحبوحة من قلة الرقابة وتضارب الأسعار، وعدم وجود مقاييس أداء وتنصيف لعملهم. العودة بأسعار التأمين إلى أسعار واقعية تحتاج إلى ارتباط وثيق بين شركات التأمين ومدارس القيادة التي لا تعلم شيئاً في حقيقة الأمر، بل تحولت بدورها إلى مراكز جباية، وعمل روتيني، والدليل أننا لسنوات طويلة لم نر سيارة تعليم قيادة في الشارع تمارس التعليم الحقيقي وعلى أرض الواقع. أسعار التأمين مرتفعة، ولن تنخفض إلا ببرنامج إصلاح لحالنا في الشارع الذي بتنا نقضي فيه أحياناً وقتاً أكثر مما نقضيه في منازلنا، إذا استثنينا أوقات النوم. نحتاج قبل التأمين على المركبات، إلى التأمين على الأخلاق في الشارع.

مشاركة :