شاركت الكاتبة الكويتية أمل الرندي في «مؤتمر أدب الأطفال وتنمية الإبداع محليا وعربيا وعالميا»، وهو المؤتمر العلمي السنوي الثاني عشر لمعمل توثيق بحوث أدب الطفل الذي أقامته جامعة حلوان في المكتبة المركزية للجامعة، وتحدثت عن دعم المؤسسات الكويتية لإبداع أدب الطفل وانعكاس الثقافة العامة التي تدعمها الكويت بمؤسساتها الرسمية والخاصة على ثقافة الطفل، كذلك أثر السياسة التربوية التي تتبعها الحكومة في تطوير رياض الأطفال، وأثر مجلات الأطفال والأنشطة داخل الرياض والمدارس وخارجها.افتتح المؤتمر، الدكتور ماجد نجم، القائم بأعمال رئيس جامعة حلوان، مؤكداً أهمية أدب الطفل، الذي يحتوي على قيم وعادات تغرس في سلوك الطفل، ومتطلعاً إلى الهدف الرئيسي من هذا المؤتمر وهو تحسين أوضاع البلاد من خلال التربية السليمة للأطفال، وتكوين شخصيتهم من خلال القراءة والاطلاع والتفكير النقدي والتحليلي، معتبراً أن الطفوله هي الفترة الذهبية للقراءة في حياة الإنسان.وتحدثت الدكتورة سهير محفوظ، أستاذ المكتبات والمعلومات المساعد والمستشار العلمي لمعمل توثيق بحوث أدب الطفل، ورئيس المؤتمر، عن أهمية محاور جلسات المؤتمر والتي تناولت التاريخ والتوثيق والنقد والتحليل لأدب الأطفال على مر العصور، ومختلف أنواع الأشكال الأدبية للطفل، من قصة ومسرحية وشعر، بالشكلين الورقي والإلكتروني، بما في ذلك تطبيقات تكنولوجيا المعلومات على هذا الأدب، وجهود مختلف المؤسسات الثقافية، من مكتبات عامة ومدرسية ومراكز بحوث محليًا وعربيًا وعالميًا، لتقديم الجيد والمناسب منه للأطفال والناشئة والباحثين للإفادة منه على أوسع نطاق.وناقش المؤتمر، على مدى يومين المحاور المذكورة، بمشاركة قرابة 20 باحثاً من مصر والكويت ولبنان وسورية والجزائر، على رأسهم الكاتب الكبير يعقوب الشاروني، ومن بينهم، بالإضافة إلى أمل الرندي، عبد المجيد زراقط، هالة الشاروني، لينة الكيلاني، مها مظلوم وعبده ذراع.شاركت الرندي في المؤتمر ببحث عنوانه «دور المؤسسات الكويتية في تنمية إبداع أدب الطفل»، حاملة معها التجربة الكويتية في مجال أدب الطفل، بكل ما فيها من مميزات. مركزة على اهتمام الكويت برعاية الطفل منذ مرحلة الطفولة المبكرة في رياض الاطفال، ودور المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة المهتمة بتنمية الإبداع في أدب الطفل، ومهتمة بإبراز دور مجلات الأطفال وروافد الارتقاء بثقافة الطفل وإطلاق مواهبه، ومؤكدة على العلاقة بين المؤسسات وكتّاب أدب الطفل، لتختم بما تتطلع إليه من آمال وطموحات كي يرتقي الكويت بأدب الطفل فيصبح أكثر إبداعاً وتأثيراً وفائدة في توجيه أطفال الكويت.مهدت الرندي لبحثها بالحديث عن دور الحركة الثقافية التي نهضت في الكويت منذ بدايات القرن الماضي في أدب الطفل، لتخلص إلى القول: «في ظل هذا الفضاء الثقافي بدأ أدب الطفل، وبدأ حرص المؤسسات على تنشيطه، وكان من مظاهر هذا النشاط صدور عدد كبير من مجلات الأطفال».وتابعت: «بدأ إبداع الطفل من أولويات التوجه العام للمؤسسات الحكومية والخاصة في الكويت، بالتوازي مع الارتقاء بثقافة المجتمع وهذا ما سيتم استعراضه من خلال اهتمام الكويت برعاية الطفل منذ مرحلة الطفولة المبكرة، أي من خلال رياض الاطفال الإلزامية. مما يؤسس قاعدة أوسع لأدب الطفل خصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة، ويشكل بيئة صالحة لأدب الطفل والإبداع فيه من قبل كتابنا الكويتيين والعرب».وأضافت: «رغم كل الجهود المبذولة من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة في الكويت لتنمية مواهب الاطفال، وأيضا الجهود الفردية من قبل الكتّاب لنشر ثقافة القراءة وحب الأدب وتذوقه، الا أننا قد نصل أو لا نصل إلى تحقيق الآمال والطموحات من أجل الارتقاء بثقافة الطفل والاهتمام بالآداب والفنون المخصصة له، لأن الأمر محكوم بعوامل خارجة عن إرادة الكتّاب أنفسهم.وأكدت الرندي في المحور الأخير من كلمتها على ضرورة الاهتمام بميول وهوايات الطفل مبكراً، وتعامل الكتّاب مع هذه الميول في مؤلفاتهم، بالإضافة إلى الاهتمام في كتابة أدب الأطفال بما يستجد من حياة جديدة للطفل، خصوصاً ما يتعلق بالأجهزة الالكترونية والألعاب التي يمارسها الأطفال، والتركيز على مسألة التوازن في الوقت بين استخدام هذه الوسائل والاهتمام بأمور ثانية مثل القراءة والرياضة والخروج إلى الطبيعة والرحلات وسوى ذلك من اهتمامات تحفز الطفل على الخروج من الغرف المقفلة، كذلك الوصول بالطفل إلى فهم الطريقة الصحيحة في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي حتى يحصد نتائج إيجابية مهمة، ونساعده كي يكتشف موهبته ويمارسها ويطورها مبكراً، فلا تضيع أجمل وأهم اعوام عمر الطفل هباء، فكل الأبحاث العلمية اليوم تؤكد أن السنوات المبكرة في حياة الطفل هي الأكثر حرجاً، ففيها تبدأ عملية تشكّله، وفيها تبدأ عملية تشكيل الحياة النفسية الأساسية للطفل، وتبدأ شخصيته باكتساب مقوماتها وتوازنها.ورأت «أننا كلما حرصنا على توفير البيئة المناسبة للطفل كلما كانت النتائج أكثر إيجابية، وكانت الطرق سهلة ليصل أدبنا إليه، عن طريق الكتاب والمجلة والمدرسة وورش العمل والقراءة وحتى الألعاب الالكترونية الهادفة».واشترطت على الإبداع في أدب الطفل كي يتم أن يكون المبدع مدركاً تماماً لحاجات الطفل، ومستوعباً نظريات التربية الحديثة، ومنطلقاً في ما يكتب من قيم المجتمع الذي يعيش فيه، ومستوعباً بشكل دقيق حساسيات العصر الجديد، ومبتعداً عن أسلوب الوعظ والتلقين السهل.وخلصت أمل الرندي إلى القول: «أعتقد أن دولتنا الكويت مثل دول أخرى سواها قادرة على أن تبذل أكثر في دعم إبداع أدب الطفل، عن طريق مشاريع ثقافية كبرى شبيهة بمشروع سمو الشيخ محمد بن راشد، أعني مشروع «تحدي القراءة العربي»، وحتى لو لم يكن على المستوى العربي، فالكويت تحتاج إلى مشاريع تعزيز القراءة لدى الأطفال الكويتيين والتشارك مع الكتَّاب في خطة شاملة من شأنها أن تنعش القراءة، وتخفف من سلبيات عيش الأطفال في عالمهم الافتراضي. ولا شك في أن مشكلتنا ومشكلة العديد من المؤسسات الحكومية الثقافية في العالم العربي تكمن في أن الموظفين فيها يحلمون بمرتبات آخر الشهر أكثر مما يحلمون بمستقبل زاهر لأطفالهم وفي أساليب ناجحة للتخلص من العزوف الشائع عن المطالعة لدى الأجيال. وتلك معضلة في حاجة إلى حل، ومع ذلك كله لا بد من أن نتفاءل بدولة أسست وأعطت الكثير للثقافة».
مشاركة :