أصبحت المسابقات والجوائز الأدبية هي الوسيلة الأكثر جذبًا وتحفيزًا للمبدعين على التميز ومواصلة الإبداع، وهي أيضًا الأكثر قدرة على خلق أجواء رائعة من الحماس والتنافس فيما بينهم، لاسيما تلك المسابقات والجوائز التي أثبتت مصداقيتها وقدرتها على وضع معايير واضحة ودقيقة تساهم في انتقاء الأعمال ذات المستوى الأعلى وفي خدمة المبدع وتسليط الأضواء على إنتاجه بصورة أفضل. ولعل كثيراً من عشاق الرواية تابعوا خلال الأيام الماضية التغطية الواسعة لإعلان الرواية الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، ولاحظوا ما لعبته هذه الجائزة من دور في توجيه اهتمام المبدعين الشباب –بما فيهم الشعراء- لكتابة الرواية ومحاولة الفوز رغبةً في الوصول إلى شريحة أوسع من القراء الذين يحتاج الوصول إليهم لجهد كبير وزمن طويل من الممكن اختصاره بالفوز بمثل هذه الجائزة أو غيرها من الجوائز المرموقة. في السنوات الأخيرة تمكنت المسابقات الشعرية من الإمساك بزمام الأمور، وكانت هي الملاذ الأفضل لشعراء كثر جذبتهم للمشاركة وعرض إبداعهم وتعريف الجمهور بهم، وما زال القائمون عليها يجتهدون في إضافة عناصر جديدة تكفل عدم تسلل السأم لنفوس المتابعين الذين أصبحت مهمة الاحتفاظ بهم في هذا الزمن من أصعب المهام، وبرزت أيضًا وسائل التواصل الاجتماعي كمُتنفس جديد يستوعب المزيد من إنتاج الشعراء، لكن القصور الأكبر الذي يُمكن ملاحظته هو أن الدواوين الشعرية التي تصدر سنويًا كانت وما زالت قليلة جدًا ولا تُشكل أي نسبة مُقارنة بعدد الشعراء وبتدفق إنتاجهم الشعري، إذا ليس هناك إضافة لجهود الشعراء الخاصة في الإصدار سوى جهات قليلة تُعنى بإصدار دواوين الشعراء من أبرزها: جهود هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة التي تُصدر كل عام مجموعة من الدواوين للشعراء الذين يصلون لمراحل متقدمة في مسابقة (شاعر المليون)، ومنها أيضًا مبادرة الشيخ حمدان بن محمد(فزاع) للإبداع الأدبي التي صدر عنها عدد من الدواوين الشعرية المطبوعة والمسموعة لشعراء من مختلف دول الخليج، وهي جهود مشكورة ولكنها تظل قليلة جدًا ولا تتناسب مع حجم الإبداع الشعري الموجود. وأعتقد أن إيجاد جائزة لأفضل الدواوين الشعرية الصادرة في كل عام سيكون عاملاً جيدًا يشجع الشعراء على الاهتمام بجمع أجود ما أبدعوه وإصدارة، وسيساهم في خدمة الشعراء على المدى القريب بتكثيف الأضواء على إصداراتهم، وعلى المدى البعيد بحفظ وتوثيق إبداعهم وهو أمرٌ مفقود في ميدان الشعر الشعبي. أخيراً يقول مشيع الدوسري: كم خاطرٍ عانى، وكم روح عانت والعون عونك يا معين المعنّين بغت تزين وقدّر الله وشانت وإن قدّر الله يصلح الظرف وتزين
مشاركة :