في حياتنا اليومية، وفي أعمالنا المؤقتة والدائمة نتمنى أن تكون كل الأمور كما نحب ونشاء. لا نريد أي منغصات ولا ما يقف عائقا أمام متعتنا وراحتنا. نتصور في بعض الأحيان أن على الآخرين أن يبذلوا كل ما يستطيعون لراحتنا وإسعادنا فقط. والسؤال المطروح هو هل يجب أن نكون كذلك، وأن ما نريده هو ما يجب أن يكون؟ في كل عام هناك حر وبرد، وكلما بدأ فصل كأننا نعيشه أول مرة وبالتالي نتضجر ونتململ. وفي كل يوم نسلك طرقا نعاني فيها من كثرة الازدحام وكثرة الحوادث، وكأننا نمر بها لأول مرة، وفي كل منزل أو بيئة عمل هناك أشياء وأشخاص لا نرغب فيهم ولكنهم أمامنا كل يوم. في هذه الأحوال ماذا عسانا أن نفعل، وكيف يمكن لنا أن نكمل السير في طريق آمن مزهر؟ هل نستمر في التأفف عند كل شيء أم نسعى جاهدين في رفضنا للسلبيات والتعايش معها، مع دأبنا واستمرارنا في تعديل ما يمكن تعديله نحو الأفضل؟ وأنت تسير في كل يوم إلى مقر عملك أو مدرستك، والطرق والشوارع تئن من الازدحام، وعيناك في كل لحظة وأخرى تنظران إلى الساعة، في مثل هذه الحالة لا تبتئس، بل حاول أن تتعايش مع الظروف والأحوال التي أنت فيها، وتفكر كيف تستثمر وقت انتظارك فيما يفيد، وعندما تعمل في بيئة عمل محبطة من الموظفين أو الرؤساء، كل ما عليك القيام به هو أداء ما هو مطلوب منك وإظهار حسن الظن والتفهم، ومثل هذا التصرف سيحبط من يعاديك، ويجعلك الكاسب في النهاية. تحدث الكثيرون عن كيف يمكن لنا أن نتحلى بالصبر ولا نبتئس وإنما نعوّد أنفسنا على التعايش. وفي هذا الصدد ورد ذكر أربعة عناصر متى ما تأملنا فيها تمكنا، بإذن الله، من أن نتغلب على الكثير مما يواجهنا من صعوبات. أول هذه العناصر هو عدم الاستعجال، فالنفس مولعة بحب العاجل في كل شيء، ويقول الله عز وجل: "خلق الإنسان من عجل"، وثاني العناصر هو عدم الغضب في حال عدم تحقق المطلوب، فنفاد الصبر يدفع الانسان إلى فعل مالا تحمد عقباه فيلقي بنفسه إلى التهلكة. أما الثالث فهو التبرم وشدة الضيق عند عدم تحقق المطلوب. ورابع العناصر هو عدم اليأس لأنه معول الهدم في مسيرة التعايش مع الظروف ومع بني البشر. تأملات كثيرة في كيف لنا أن نعيش حياة، بإذن الله، نجد فيها السعادة ونحقق المطلوب، ولو بعد حين. هذه رسالة لا يجب أن نقف عندنا بل علينا أن نغرس مضامينها في أسرنا ومجتمعنا ونعلّم الأجيال كيف يمكن لهم في المستقبل أن يتعايشوا ولا يحزنهم أو يسؤهم ما هو محيط بهم.
مشاركة :