لم يبق إلاّ يوم واحد من رمضان أو يومان، عبر هذا الشهر الكريم سريعاً لم نشعر به، رغم محاولتنا أن ننعم بأيامه المباركة، ولياليه التي نعيش العشر الأواخر منها وهي التي في حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. «رواه البخاري». هذه العشر المباركة، والتي توشك أن تنتهي ندعو الله أن يجعلها ماحية للذنوب، مفرجة للكروب، وأن يتقبل الله منا صيامنا وقيامنا وأن يعيده علينا لا فاقدين ولا مفقودين.. هذه الأيام والأسواق تزدحم كالعادة بالمتسوقين والشوارع مكتظة، وكأن الناس لم يشتروا طوال العام ملابس يلبسونها، وكأنهم أيضاً لم يعرفوا أن رمضان سيأتي بعده العيد، وبالتالي من غير المناسب أن تتكرر أخطاء كل عام، وأن لا يتعلم أحد من تجاربه الماضية. الزحام في المحلات، وأماكن الخياطة، والحلويات وأغلب محلات الحلويات الشهيرة أرسلت منذ بداية الشهر تذكر المواطنين والمقيمين كتطفل معتاد من شركة الاتصالات التي سمحت به، بأن من يريد أن يشتري شوكولاتة، ولتجهز بطريقة جميلة عليه أن يحضر للمحلات ضمن الثلث الأول من الشهر. الطريف أن الناس بدأت الاستمتاع الحقيقي بالصيام والتراويح وليالي رمضان، وهذه المحلات تذكرها بالحلاوة، وكأن العيد بدون شوكولاتة ليس هو العيد، والمعيدون، والمتسوقون والذين هجموا من نهاية شعبان على محلات السوبر ماركت سيهجمون دون شك على محلات الشوكولاتة، والحلويات كالعادة التي تدر على أصحابها الملايين في رمضان، ولمن أسعده الحظ ودخل ليلة العيد إلى أي محل منها سيفاجأ بكم البشر، وبكم الأماكن التي أفرغت من حلوياتها، والأطنان التي بيعت في هذا الشهر، ورغبة الناس الشديدة في تكديس حلويات هم أصلاً يشترونها طوال العام، ويأكلها أفراد الأسرة وضيوفهم، لكن هي العادة فقط ولا غيرها، يتسحب الناس بسرعة من الشهر وعشره الأواخر رغم روحانيتها، وقمة الإحساس الداخلي بها إلى التحضير للعيد، والشراء والركض في الأسواق والمحلات، والصوالين بالنسبة للرجال، وللنساء أيضاً، صديقتي تقول إنها اضطرت أن تأخذ معها تمراً وماءً في شنطتها إلى الصالون النسائي للاستعداد للعيد، وظلت فيه من الثانية ظهراً تتمسك بدورها إلى الثامنة مساءً وصلّت لديهم العصر والمغرب، سألتها هل أنتِ مضطرة؟ قالت نعم لابد أن استعد للعيد، قلت لها وهل الاستعداد أن تقضي ست ساعات هناك، وتتعرضي للاجهاد وتبدد الوقت؟ قالت: لذة العيد أن نستعد له، ولم نكمل لوصول كل منا إلى طريق مسدود في الحوار، ذلك أن العيد مع احترامي لكل من يستعد له رجلاً وطفلاً وامرأة لا يلزمنا أن نذوب في الزحام من أجله، فأول عيد الصوالين النسائية مفتوحة وفارغة ويعملون أفضل، لكن من يذهب؟ والسوبرماركت كلها لا تغلق أبوابها، ومكدسة بالحلويات والأطعمة والرايق سوف يتسوق بهدوء أول عيد، خاصة إذا كان قريبا منه، والبعض قد يذهبون إلى أقاربهم في مناطق أخرى، أو يسافرون إلى الخارج للاستمتاع بالعيد. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وينعاد عليكم وأنتم بخير.
مشاركة :