دول المقاطعة العربية تواجه قطر بأدوات المجتمع المدني الجهود التي بدأتها أربع بلدان عربية في مواجهة سياسات قطر الداعمة للإرهاب والمهدّدة لأمن المنطقة لن تقف عند حدود المجالات السياسية والدبلوماسية والإعلامية، بل ستتجه بقوّة نحو المجال القضائي إذ أن لتلك السياسات ضحايا ومتضرّرين يجب أن يتم إنصافهم وتعويضهم ومعاقبة من ألحق بهم الضرر.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/07/30، العدد: 10707، ص(3)]هؤلاء يعرفون من قتل أبناءهم القاهرة – خطت الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر بسبب دعمها للإرهاب وتهديدها لاستقرار المنطقة وأمنها، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، خطوة جديدة بلجوئها إلى تنويع أساليب مواجهة الموقف القطري، وشرعت ببلورة رؤية قانونية لإثبات رعاية الدوحة للتنظيمات الإرهابية والمتطرفين. ودخلت منظمات المجتمع المدني على خط الأزمة، وجرى فتح تعاون حقوقي بين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والفيدرالية العربية لحقوق الإنسان (مقرها جنيف)، لتوظيف الأدوات القانونية على المستوى الدولي كأحد المسارات المكمّلة لمواقف دول المقاطعة. وأعلنت منظمات حقوقية عربية حملة بدأت من القاهرة لملاحقة السلطات القطرية، والبدء في اتخاذ إجراءات فعلية بشأن تدويل قضية تعويض ضحايا الإرهاب من الدول الداعمة لأعمال العنف والجماعات المتطرفة، وشرعت في الاستماع إلى شهادات حيّة توثق تلك الجرائم. وعملت تلك المنظمات على تجميع أكبر قدر من المعلومات التي تثبت تدخّل الدولة القطرية في شؤون جيرانها ودعم الجماعات الإرهابية، والتعاون على المستوى الرسمي من خلال وزارات الخارجية للمطالبة بدعم تحركاتها بخطابات موجهة إلى مجلس الأمن الدولي تسند هذا الملف. وقال حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، لـ”العرب” إنّ هناك تعاونا عربيا على المستوى الحقوقي لتشكيل هيئة من المحامين المحترفين على المستوى الدولي لملاحقة الدول الراعية للإرهاب، وتم تشكيل 3 لجان، قانونية وتوثيقية وإعلامية، لدعم التحركات السياسية. وأضاف أن اتحاد المحامين العرب بالتعاون مع بعض المنظمات العربية يعمل حاليا على جمع توكيلات من أسر الضحايا والمصابين الذين أضيروا من العمليات الإرهابية، لتشكيل موقف قانوني سليم قبل اللجوء إلى المنصات القضائية الدولية لمحاكمة المسؤولين القطريين. وأوضح أن ثمة تعاونا موازيا من خلال جمع الوثائق والبراهين التي تثبت علاقة الدوحة بالمنظمات الإرهابية من خلال الاستعانة بالأحكام القضائية العربية التي صدرت بحق عدد من المنتمين إلى تلك المنظمات وثبوت تعاونهم مع النظام القطري، إلى جانب الأدلة الرسمية التي تشير إلى الأمر ذاته. وكانت وزارة الداخلية المصرية أشارت بأصابع الاتهام إلى عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في قطر بتدريب وتمويل منفذي التفجير الانتحاري الذي استهدف الكنيسة البطرسية نهاية العام الماضي. وكشف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بنفسه عن منفّذ الاعتداء، وقال الأمن المصري وقتها إنّه سافر إلى دولة قطر خلال عام 2015، وتم تدريبه على تنفيذ مخططات إرهابية داخل البلاد. وأشار الحقوقي المصري إلى أنه سيتم التركيز على خلايا ما يسمّى بولاية سيناء التابعة لتنظيم داعش وحركتي “حسم” و”العقاب الثوري” التابعتين لجماعة الإخوان، باعتبارها الأقرب إلى الترابط مع العناصر الإرهابية الموجودة بالدوحة والذين صدرت بشأنهم أحكام غيابية وترفض قطر تسليمهم إلى الحكومة المصرية.جمع توكيلات من أسر الضحايا والمصابين في العمليات الإرهابية لتشكيل موقف قانوني سليم قبل اللجوء إلى المنصات القضائية الدولية لمحاكمة المسؤولين القطريين وأضاف أنه تتم الاستعانة بوثائق الجيش الوطني الليبي ومجلس النواب بشأن التدخلات القطرية في الشؤون الداخلية الليبية، بجانب الحصول على ما يثبت تقديم قطر الدعم اللوجيستي للتنظيمات الإرهابية في كلّ من سوريا والعراق. وقالت مصادر خاصة لـ”العرب” إن التحركات القانونية العربية سوف تتوازى معها تحركات دبلوماسية على مستوى مجلس الأمن الدولي، وأن هناك نحو خمسة مشروعات لقرارات من المنتظر تقديمها خلال الفترة المقبلة للمجلس، كما أن البيان المصري الذي تم تقديمه الشهر الماضي ووجّه أصابع الاتهام مباشرة للدوحة جاء ضمن هذه التحركات. وكان السفير طارق القوني، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، اتهم قطر مؤخرا بدعم الإرهاب في ليبيا، وقدم خلال جلسة لمجلس الأمن عقدت بشأن “مكافحة تحديات الإرهاب في ليبيا” أدلة تثبت انتهاكات الدوحة للعقوبات المفروضة على ليبيا، مطالبا مجلس الأمن بتوثيقها. وقبلها استخدمت مصر ملف اتهام الدوحة بدفع فدية تصل إلى 800 مليار دولار لمنظمة إرهابية تنشط في العراق بذريعة إطلاق سراح أعضاء قيل إنهم كانوا مخطوفين من الأسرة القطرية الحاكمة، كبوابة لمحاكمة قطر في مجلس الأمن. وأشارت مصادر قانونية تشارك في الحملة إلى أن المنظمات الحقوقية تعوّل من خلال تحركاتها على إدانة النظام القطري عبر تقديم أدلة مختلفة تثبت تورط شخصيات تنتمي إليه في جرائم حرب وإبادة وتقويض السلم الأهلي والتدخل في شؤون الغير، وهي من المبادئ الأساسية التي يمكن الأخذ بها لتوقيع عقوبات على الدوحة، الأمر الذي سيجري إثباته بالوثائق التي تؤكد تورط النظام القطري في دعم العمليات الإرهابية التي شهدها العديد من الدول العربية السنوات الماضية. وأضافت المصادر لـ”العرب” أنه يمكن جمع المزيد من الأدلة من خلال وثائق الإنتربول الدولي، الذي لديه ما يمثل إثباتا على ممارسات تقع تحت طائلة القانون، وجمع فيديوهات مسجلة منها ما يبرهن على وجود اجتماعات لعناصر استخباراتية قطرية مع أخرى إرهابية، مثل جبهة النصرة في سوريا وتنظيم داعش في ليبيا. وتعمل دول المقاطعة العربية الأربع على توظيف الجانب الحقوقي لتمثل ظهيرا قانونيا دوليا لقرارات إدراج عدد من الهيئات والأشخاص كمنظمات إرهابية، وتشكيل مواقف دولية تذهب في الاتجاه ذاته، بجانب الرغبة في أن يكون هناك قرار دولي معترف به وسط المواقف الغامضة لبعض العواصم الغربية. وتأتي هذه التحركات في إطار سياسة كشف الأوراق المتتابعة لتضييق الخناق على التصرفات القطرية بحثا عن دعم دولي بمواجهة تلك التصرفات. لكن البعض من القانونيين يتخوّفون من عدم وجود تأثيرات كبيرة وراء تلك الخطوات بسبب عدم إدراج جرائم الإرهاب ضمن الجرائم المنصوص عليها علنا في قوانين المحكمة الجنائية الدولية، ومن ثم فإن تصنيف تلك العمليات على أنها جرائم إبادة أو جرائم حرب قد لا يتم الاعتداد به كثيرا من قبل المحكمة. كما أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للحصول على تعويضات لضحايا الإرهاب ربما لا يأتي بمردود إيجابي واسع، لأن ذلك يشترط موافقة النظام القطري على اللجوء إليها أيضا، وهو ما يستحيل حدوثه من جانب نظام يكابر ويرفض الاعتراف بكل التهم الموجهة إليه، بل ويصر على الاستمرار في ممارساته.
مشاركة :