المشاهد العربي | نبيلة حسني محجوب

  • 7/23/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

لا أعرف من صاحب فكرة مسلسلات وبرامج ومسابقات رمضان؟ هل هي فكرة بدأت بمسلسل واحد وكلما زاد عدد القنوات زادت المسلسلات، أم أنها مؤامرة ضمن مؤامرات الغرب؟ كأننا نعيش في دوامة، فلم نعد نعلم كيف وصلنا الى هذه الحالة التي جعلت من رمضان سوقاً نشطاً لتسويق الهابط والرخيص، والسماجة والتهريج؟ الانحطاط الأخلاقي في بعض المسلسلات، والسخف والتهريج في بعض البرامج والكوميديا التي لا تنتمي الى أي لون من ألوان الفنون، وما يحدث في عالمنا العربي لا يثني قنواتنا ولا فنانينا ولا معلنينا عن ملء ساعات الليل والنهار بكل هذا الغث، لتسلية صيامنا وشغلنا عن العمل والإنتاج أو حتى عن الألم والتفاعل الإنساني على أقل تقدير. مسلسلات وبرامج تعرض على كل القنوات وجدت من يتحمل تكاليفها بالإعلانات لكل شيء حتى الخاص والخادش للحياء، أي أن المال مقابل القيم والوقت والمتعة ذاتها! اعلانات لا تقل تفاهة وسماجة عن البرامج والمسلسلات التي تحملت تكاليف نفقاتها، أحد الاعلانات عن نوع من أنواع الأرز، ومع ذلك يبدو المنتج الأساس " الأرز " هامشياً بينما المشهد الرئيسي للسلطان يستعرض الجواري وتجذبه احداهن وهو يردد ( ماشاء الله ما شاء الله ) ونظراته معلقة بها ثم يظهر طبق الأرز تحمله بيديها وهو مغطى بالفراخ المحمرة. ليت المشهد ينتهي هنا، بل نشاهد السلطان وبجواره الجارية تطعمه الفراخ باغراء أنثوي ضاع معه الهدف من الإعلان وهو " الأرز " المعلن عنه، وكأن المشاهد العربي أصبح شهوانياً حد النخاع، فيستدرج بالنساء، والطعام، بينما الأطفال والنساء تقتل بوحشية على كل بقعة من أرضه في الشام والعراق وليبيا وفلسطين ومسلسل الغارات الاسرائيلية على قطاع غزة . الملايين التي تصرف على مسلسلات وبرامج رمضان، بإعلاناتها التي أصبحت طاغية على زمن عرض المسلسل، كان يمكن أن تقضي على الفقر في عالمنا العربي والاسلامي، وتنقذ أطفال غزة، وتؤوي اللاجئين من جرائم النظام السوري، لكن أصبحت متعة المواطن العربي أهم من وقف جريان نهر الدماء البريئة الذي يتدفق في سوريا وغزة والعراق. مسلسلات وبرامج تعرض على كل القنوات وجدت من يتحمل تكاليف انتاجها، لذلك أصبح زمن الإعلانات أكثر من زمن المسلسل أو البرنامج، وعلى المشاهد الجلوس ساعة مثلاً أمام التلفزيون ليشاهد مسلسلاً لا تتجاوز أحداثه 20 دقيقة تقريباً. لست من متابعي مسلسلات رمضان، ولا برامجه، ومسابقاته، لكن أحيانا أشاهد شيئا بعد الافطار أو في بعض الأوقات بالصدفة؛ فتصدمني بعض المسلسلات والبرامج التي يقال عنها " كوميديا " وهي - للأسف - لا تنتمي الى أي فن. في الوقت الذي يقتل فيه الأطفال والنساء في غزة، في أعظم شهر من شهور العام لدى المسلمين، ينشغل المسلمون بمتابعة برامج الكوميديا المهترئة، والدراما المتهتكة، التى لم تراع الشهر الكريم، ولا ما يحدث في عالمنا من كوارث. ماذا حدث لنا؟ أين الرحمة التي تعني رقة القلب التي تزين قلب المؤمن؟ هل أصبح هناك انفصال تام بين قلوبنا وحواسنا، بعد أن اقتحمتنا المآسي، وأغرقتنا الفضائيات وقنوات التواصل الاجتماعي في سفاسف الأمور، فأصبحت عظائم الأمور على هامش اهتماماتنا، وأصبح برنامج واي فاي على مافيه من سخف واستهبال يضحكنا، أم أن شر البلية ما يضحك؟ عندما كان يعرض طاش ما طاش في السنوات الماضية لم يكن يروق لي، ولم أتابعه لكن كان عليه إجماع غريب من أفراد الأسرة صغاراً وكباراً، ومن معظم أفراد المجتمع، فنسبت فشلي في متابعته والاعجاب به الى ذاتي. هذا العام وجدت النقد من الشباب لبرنامج " واي فاي " وبرنامج المسابقات " هو وهاي وهي " بل هناك اجماع على فشل وسطحية هذين العملين ومعهما أعمال أخرى تعرض على القنوات المحلية. هو وهاي وهي، برنامج مسابقات ويقدم جوائز نقدية بالريال السعودي، يستخف بالمشاهد والمتصل، حتى لو لم يوفق في الاجابة على كل الأسئلة يستطيع الفوز، وربما مضاعفة المبلغ عن طريق الكمبيوتر الذكي، للأسف هذا يحدث في زمن الأحداث الكبرى التي يمر بها عالمنا. برامج المسابقات داعم للثقافة، والفوز بالجوائز سواء نقدية أو عينية، هو مكافأة على الفطنة والذكاء والمعرفة الموسوعية التي تثبتها الاجابات الصحيحة التي تؤهل لهذا الفوز، لا الهمسات والغمزات أو التصريح بالاجابة وتجاهل الإجابة الخاطئة واحتسابها صحيحة كما يحدث في هذا البرنامج الذي يجد من يتابعه ويتصل به مع كل التهريج والتفاهة. اذا كان كل هذا السخف والابتذال يعرض في القنوات العربية وفي شهر رمضان بينما الدماء البريئة تتدفق في غزة، فلابد أن يكون للمواطن العربي موقف حازم حاسم من كل هذا الذي يملأ شاشات التلفزيون في رمضان! نسبة المشاهدة هي التي تأتي بالمعلنين، والإعلانات التي حولتنا الى مجتمعات استهلاكية هي التي تنفق على الغث والثمين، كي لا يبقى لنا مال ولا وقت لنفكر أو ننتج أو نعمل أو نتألم ثم نقول هذه مؤامرة. همسة: دعم الشباب مهم، لكن الأهم أن يكون هذا الشباب لديه الموهبة، والإمكانيات الأدائية والمهارات الفنية كي يستحق الدعم بالملايين التي دفعت في مسلسلات هزيلة فكرة وأداء واخراجاً! nabilamahjoob@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :