ليكن عامك كله رمضان | د. دانية آل غالب

  • 7/25/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

راقبت طيرًا -في يوم ما- فرأيته يطير ويحلّق عاليًا، وإذا ما هبط لا يبقى طويلاً حتى يرفرف بجناحيه صعدًا إلى حيث يعيش. وأدركت أن الذي ألف الذرا لا ينحط دونها إلاّ لمما.. ففكّرت في حال الإنسان، وكم يشبه حال هذا الطير أو ذاك. وفكّرت في حالنا بعد رمضان هذا الشهر الذي نجتهد فيه لنصفو من كل كدر، ونرقّ من كل غلظة، ونرقى فيه إلى مستوى من الطهر والروحانية والتقرّب من الله، وملامسة الكمال الإنساني في القول والفعل والسريرة.. ماذا ترانا فاعلين بعده؟ هل ترانا نظلّ محلّقين في سماء الخير التي رفرفنا فيها خلال هذا الشهر؟ أم ترانا نهبط وتثبت أقدامنا على الأرض، فلا نعود نستطيع التحليق مجددًا؟! أم نكون كالطير نعود ونحلّق بعد هبوط لا نبقى فيه طويلاً؟ هل نستقيم على نهج من السلوك والترقّي قلّما ننزل عنه؟ هل كانت أجواء رمضان النقية السامية ألقًا عارضًا ما يلبث أن يختفي فنعود إلى الهبوط إلى أفقنا الداني لتعيش فيه أيامنا المقبلة، ولا تعود روحانية رمضان في خاطرنا سوى سويعات جمال وكمال وصفاء عشناها وانقضت؟. لماذا لا يكون العام كلّه رمضان؟ وليس ذلك بامتداد رمضان لأحد عشر شهرًا آخر، وإنما باستمرار نهجنا وسلوكنا مع ربنا، مع أنفسنا والآخرين كما نسعى أن يكون في رمضان. أسئلة كثيرة جالت بخاطري، وأنا أرى الشهر يلملم نفسه عازمًا الرحيل، وأرى البعض قد عاد لسيرته الأولى، وكأن رمضان مجرّد (جلابية) يرتدونها، و(كوفية) يزينون بها الرأس. إن ترويض النفس على الكمال والخير، وفطامها عن الضلال والشرّ، ومجاهدتها لتحقيق الترفّع والترقي والتسامي في الخلق والسلوك، ونقاء السريرة يحتاج إلى طول رقابة وطول حساب، وطول ممارسة. رمضان مدرسة نتعلّم فيها الانضباط، والترفّع عن توافه الأمور، وشغل النفس فيما يفيد وينتج ويثمر. فإذا خرج المرء من هذه المدرسة صفر اليدين فما أتعس حاله!. وإن خرج منها ليفرّط فيما حقّقه فيها فما أخيبه!! وإن خرج منها وقد عزم أن يستمر على ضبط أحواله وتعهّد نفسه، وإكمال مسيرته فقد فاز بالغاية من رمضان. ومن خرج من رمضان، فلا تنسيه مطالب الدنيا وملاهيها أن يعود ويرفرف محلّقا من جديد في سماء الخير والفضل والروحانية السامية. فهو العيد بلا شك. فليكن توديعنا لرمضان بعقد النية ووضع الخطط لبناء نفس رمضانية السلوك، منضبطة الأحوال، متطلّعة للمعالي، راجيه الرحمة والمغفرة والعتق من النيران في كل ما تسعى إليه وتفعله. إن الإنسان يحتاج إلى محطات صفاء ونقاء ومجاهدة للنفس بين حين وآخر، تشبه رمضان، لتدعمه وتنقيه وتزيل كدره الذي يصاب به خلال رحلة سيره في الحياة ليرقّ ويترقّى وينضبط ويصفو. alshaden@live.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (46) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :