معوقات خطط التنمية العالمية شهد العالم أخيراً تحديات اقتصادية وسياسية أثرت على الاقتصاد وأدت به إلى الانكماش والركود، ولعلي أشير إلى أبرز هذه التحديات ومنها: تعطيل أعمال الحكومة الأميركية، بسبب نقص الموارد المالية، حيث وافق الرئيس الأميركي والجمهوريون في الكونغرس على عقد هدنة لتجنب تهديد تعطيل الحكومة مرة أخرى بفعل الحاجة التي رفعت سقف الديون السيادية! وفي اليابان ولمواجهة تحديات الانكماش والركود، عملوا على الأخذ بالسياسات النقدية غير التقليدية والمستجلبة مثل خفض أسعار الفائدة إلى الصفر تقريباً والتيسير الكمي والائتماني. لتخفيف خطر اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران تم عقد اتفاق موقت «مزعوم» في شأن البرنامج النووي الإيراني، وأدى ذلك إلى انخفاض أسعار النفط، إلا أن المراقبين يشككون بصدق نوايا إيران المستمرة في تخصيب اليورانيوم ولا يرون الاتفاق إلا محاولة لكسب مزيد من الوقت مثل مفاوضات السلام مع اليهود في فلسطين! الخلاصة: أن أي تنمية تتجاهل البعد الثقافي والأخلاقي والإنساني، لا يمكن أن تكون فعالة وناجحة فضلاً عن كونها ضارة وهدامة للقيم والمبادئ جميعاً، وهذا يوضح لنا حقيقة ماثلة للعيان لكن الناس في غفلة عنها، وهي ليس للتنمية نموذج واحد (النموذج الغربي)، وأن ليس للتنمية الصحيحة المستقلة نموذج واحد بل هناك نماذج من التنمية مقدار ما هناك من نماذج للثقافات. وأن ربط التنمية بنمو الناتج القومي وحساب متوسط الدخل الفردي لا يعني بالضرورة قيام تنمية حقة بسبب بسيط وهو إغفال الجانب الروحي من الإنسان. تحديات التنمية الموضوعية في الكويت أولاً: مكافحة الفساد التعريف الحديث للفساد الحقيقي اليوم في مؤسسات المجتمع، هو التعاضد والتكاتف بين الموظفين بشكل تكامل وشراكة قوية غير قابلة للاختراق أو إفشاء السر من أجل تمرير المصالح الخاصة وإقصاء الكفاءات. ولعل تجربة هونغ كونغ في مكافحة المخدرات سنة 1970 يعتبر مثالاً لمؤسسة نجحت في محاربة وتطويق الفاسد بترويج المخدرات التي بلغت معدلات تفوق الوصف حتى زادت الإيرادات عن الناتج المحلي الاقتصادي، ونجح جاك كيتر في تخطيطه لمحاربة الفساد حتى منحته ملكة إنكلترا، لقب فارس. فقد شكل المحور الثلاثي لترويج المخدرات في المثلث الذهبي الحدودي بين بورما ولاوس وتايلند، هاجساً عالمياً ومصدر قلق متزايد لدول العالم منذ الستينات والسبعينات. لقد كان للتخطيط وحسن الإدارة بعد توفيق الله تعالى عظيم الأثر في محاربة هذه الآفة وما أحوجنا لذلك اليوم، خصوصاً في هيئة مكافحة الفساد، وهذا يتطلب ما يلي: - إنشاء قسم الوقاية من الفساد ومهمته تحري وتحديد مكان الفساد وطبيعته والدورة المستندية لكل معاملة وأسماء الموظفين فيها. - إنشاء قسم العلاقات العامة ومهمته الالتقاء بالجمهور وسماع وجهات نظرهم حول الفساد وطبيعته، وآرائهم حوله. - إنشاء قسم العمليات وهذا ينقسم إلى قسمين: متابعة شكاوى الجمهور عن طريق الخطوط الساخنة مع الاحتفاظ السرية التامة. فرع الأشخاص المستهدفين حيث يجري تحري أحوالهم المالية، خصوصاً الذين يعيشون في مستوى يفوق إمكاناتهم ورصد حركات سفرهم للخارج والمبالغ التي يتلقونها في حساباتهم. ثانياً: الاعتماد على مصدر وحيد للدخل مع قلة حجم العمالة الوطنية في سوق العمل بلغ تعداد العاملين في البلاد العربية في سوق العمل 26 في المئة من إجمالي عدد السكان، وهذه نسبة متدنية جداً لأسباب كثيرة ليس هذا مجالها، ولكن اعتماد الدول العربية بشكل كامل على مصدر واحد للدخل، وهو النفط، يجعلها محل التأثير السياسي والاقتصادي العالمي. لقد أصبحت الدول العربية الغنية بالنفط تشكل بيئة جاذبة لرأس المال الأجنبي الذي غزا الأسواق لاستثماره في استخراج النفط، وهدفه في ذلك تحقيق أكبر قدر من الأرباح ومصالح الدول الأجنبية من دون أي اهتمام بمصالح الدول المنتجة للنفط... ولم يعد الاهتمام ببقية القطاعات الاقتصادية الأخرى وأصبحت التبعية كاملة للدول الكبرى.
مشاركة :