كم من إرهابي تمت مناصحته وخرج معززاً مكرماً ثم عاد وانتكس وصار أكثر توحشاً وعداءً للوطن وقيادته؟ قطعاً وزارة الداخلية لديها الجواب الأكيد والمعلومات الأكثر دقةً من مجرّد توجّسات كاتب. حسناً.. ها قد مر زمن ليس بالقصير على فكرة مناصحة من يقبض عليه وهو يحمل فكر القاعدة المتوحش وينوي أو هو قد شارك بالفعل في أعمال إرهابية وقد تكشّفت كثير من الحقائق للوزارة حول جدوى استمرار البرنامج وليس فكرته الأساس فماذا تمّ؟ آخر عملية إرهابية وقعت في منفذ الوديعة ومحافظة شرورة تبيّن أن جُل من شاركوا فيها ممن أُفرج عنهم بعد المناصحة كما أن من بين الخلايا الإرهابية التي تم القبض عليها مؤخراً من الذين أُطلق سراحهم بعد إعلان التوبة المخادع. على ماذا يدل ذلك؟ بعد أيّ مُناصحة هنالك موقفان لا ثالث لهما:إما الإصرار والثبات على الموقف وتحمّل النتيجة أو إعلان التراجع والندم وبالتالي الاعتذار بآسف لن أعود لما فعلت من جريمة بحق الدين والوطن. إذاً كيف تتم المخادعة وتنطلي الكذبة فيخرج المُخادع ليعاود فعلته الشنيعة؟ في كتاب "طريقتنا في التفكير: فلسفة الحياة الصينية" من منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون،تم إيراد دلالات مختلفة للاعتذار فالصينيون لا يقولون غالباً كلمة آسف ولهذا يُساء فهمهم في كثير من الأحيان ويعتقد البعض بأن الصيني يخاف من الاعتراف بأخطائه وغير مستعد للاعتذار. وهذا غير صحيح بل الصحيح أنه يمارس(الشِن فِن) أي يفكّر منذ البداية ما إذا كان سيسبب إزعاجاً للآخرين. إذا كان الإزعاج مُرجّح الحدوث فسيحاول أن يمتنع عنه فوراً بدلاً من الاعتذار بعد فوات الأوان. برغم إدراكي بالفوارق ما بين الثقافتين الصينية والسعودية إلا أن المفهوم حول إحساس الفرد بالخطأ ومن ثم الاعتذار عنه ومحاولة عدم تكراره واحد هُنا أو هناك. لكنه الاختلاف في تنشئة الفرد حول تحصين الذات فكرياً والقدرة على "التناغم العظيم" مع المجموعة(الشعب) والحرص كل الحرص بعدم شق الصفوف ولو حدث فالاعتراف أولاً وتأنيب ونقد الذات ثانياً ثم الصيام على ذلك. المواجهة الفكرية لا تأتي بعد ارتكاب الفعل بل يجب أن تكون قبل التفكير في ارتكابه أي في مرحلة الوقاية والتحصين فهل نفعل ونغيّر من خطابنا الديني المتشدد وذلك أضعف الإيمان.
مشاركة :