منذ حوالي 3 أشهر ثبَّت أحد مقاولي شركة المياه الوطنية مُلْصقًا ورقيًا على جدار بيتي، يطلب منّي فيه الاتصال برقم الجوّال الموجود به، والذي يخصّ مندوبه الميداني، للتنسيق معه لبدء إيصال الصرف الصحّي للبيت!. وكم غمرتني الفرحة، حتى أنني ذبحْتُ تَيْسًا سمينًا وطبخته منديًا شهيًا لأصحابي وخِلّاني، فالصرف الصحي الحضاري لمن جرّب «البيّارات» غير الحضارية هو قفزة هائلة لا تقلّ قيمةً عن قفزة المغامر النمساوي فيليكس بوغمارتنر من حدود الفضاء الخارجي!. ولأجل ذلك غضّيْت نظري عن سلبية تثبيت المقاول للمُلْصق الورقي على جداري المدهون حديثًا، وعن إتلافه لجزء من الدهان، وإن كان لي في هذه الجزئية من قول فهو أنني أعتب على شركة المياه أنها لم توجّه مقاولها لاستخدام وسيلةً أخرى أكثر تطورًا لإشعار المواطنين عن بدء إيصال الصرف لبيوتهم، بدلًا من المُلصقات الورقية التي يلجأ لها عادة العاملون غير النظاميين في شراء الأثاث المستعمل ومكافحة الحشرات، والتي تُشوّه الجدران، وما هذا التغاضي إلّا شغف بالصرف الصحي، فحالي وحال باقي المواطنين معه كما قال الشاعر ابن الفارض: لا تُنْكِرُوا شَغَفِي بِهِ وإنْ كَانَ.. بِالوِصَالِ عَليَّ لمْ يَتَعَطَّفِ.. والشاهد هو أنني جئت أفرح كالعروس فلم أجد أيّ مطرح، إذ جهّزْتُ كلّ شيء داخل بيتي وخارجه لإيصال الصرف، وتدلدل لسانُ جوّالي وأنا أتصل بالمقاول، وهو يردّ مرّة و»يخصرني» مرّات عديدة، ويعدني بالتنسيق قريبًا، حتى صارت هذه الـ»قريبًا» حوالي 3 أشهر، ولا أدري إن كانت الشركة جعلتنا ننتظر سنوات حتى مدّدت مواسيرها أمام بيوتنا، وجعلتنا ننتظر سنوات أخرى بعد تمديد مواسيرها، أتريد منّا أن ننتظر سنوات أخرى وأخرى بعد تثبيت الملصقات على جدران البيوت لإيصال الصرف؟. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، قالت إنّ التنسيق المباشر بين مقاولي الشركة والمواطنين، دون إشراف مباشر من الشركة هو تركٌ للحبل على الغارب، وقد يؤخر إنجاز الصرف أكثر مما هو متأخر، وقد يستغله ضعاف النفوس لإيصالٍ غير ذي جودة هندسية، أو لمخالفاتٍ عامة، فيصبح حصاد انتظار السنوات قليل الحسنات كثير السيئات!. @T_algashgari algashgari@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :