يقول الخبر الذي نشرته جريدة (المدينة) يوم الأحد الماضي، أنّ وزارة العمل توعّدت بإنزال أقصى العقوبات على مُخالفِي قرارها الخاص بعدم تشغيل العُمّال تحت أشعّة الشمس الحارقة!. وفي التفاصيل: سوف تُغرّم الوزارة المُخالفِين بما يصل لعشرة آلاف ريال عن كلّ مُخالفة، وربّما تُغلق مُنشآتهم لمُدّة شهر أو نهائياً، وقد تجمع بين الغرامة والإغلاق!. وأنا إذ أرفع شماغي تحيةً للوزارة على هذا التوعّد النبيل، لأذكّرها، ونحن في الشهر الكريم، بعُمّال نظافة الشوارع، أولئك المُستضعفين في الأرض، ممّن لا يشتغلون تحت أشعة الشمس الحارقة فحسْب، بل كذلك تحت أشعة الإجحاف الوظيفي الصارخ من لدن شركاتهم التي تمنحهم راتباً ضئيلاً لا يتجاوز ٣٠٠ ريال شهرياً، رغم عقودها المليارية مع الأمانات، ولولا فقرهم المُدقع في بلادهم لما جاءوا إلينا وقبلوا بهذا الراتب، كما لا يمُتّ وضعهم المعيشي الذي وفّرته الشركات لهم بين ظهرانيْنا بأيّ صلة للإنسانية، سواء في سكنهم الذي يُحشرون فيه كأنهم سمك من الساردين، أو في مأكلهم ومشربهم!. وإن كان هناك ضرر من أشعة الشمس عليهم، فإنّ ضرر أشعة الإجحاف عليهم هو الأكبر، فالأول يمكن تخفيفه بارتداء بعض الملابس، أما الثاني فقد حوّل حياتهم لبؤس، وجعلهم ينظفون الشوارع بيد ويتسولون الناس باليد الأخرى، وتالله لقد أحزنني أحدهم في جدّة، حيث كان يعمل في الساعة الثانية والنصف ظهراً، ولون بشرته قد قارب على السواد بتأثير أشعة الشمس، وجسمه قد هزُل لسوء التغذية، وهو صائم، وقد فرح ببضعة ريالات أعطيتها إياه كما يفرح المرء منا عندما يُعْطى آلاف الريالات، فأين تقوى الله أيتها الشركات؟. ولو أرادت الوزارة أن تُحْسِن صُنْعاً وتكسب الأجر الكبير، فأقترح أن تُجنّب العُمّال كلا الضررين، وأن تتفاهم مع الأمانات لإلزام شركاتها بتحسين حالهم، فللأمانات حق قانوني في التدخل، طالما هي المالكة لعقود النظافة مع الشركات، لكنّ بعضها، كأمانة جدّة مثلاً، تنأى بنفسها عن التدخل، وهذه مصيبة، فإن كان صاحب الشأن المباشر لا يُبالي فمن عساه يُبالي؟ وهؤلاء العُمّال أزاحوا عنا مسئولية أصعب المهن وأحقرها شأناً، ولا شكّ أنهم يستحقون معاملةً أفضل بكثير!. @T_algashgari algashgari@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :
مشاركة :