نورهان البطريق تكتب : لعبة الموت‎

  • 4/10/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أثارت لعبة إلكترونية تُدعى "الحوت الأزرق "جدلًا كبيرًا علي شبكات التواصل الاجتماعي والبرامج التلفزيونية خلال الأيام القليلة الماضية لما نتج عنها من عواقب وخيمة وصلت إلى حد الانتحار ،فقد انتحر عدد كبير من الشباب إثر تحميل هذه اللعبة وكان آخر ضحاياها "خالد" شاب في المرحلة الثانوية قام بتحميلها كنوع من أنواع التحدي آملا أن يجتاز مراحلها بنجاح ولكنها سرعان ما انتصرت عليه وجعلته يقدم لها حياته تنفيذًا لأوامرها و امتثالًا لرغباتها ."الحوت الأزرق "هي لعبة روسية الأصل تُنسب إلي مخترعها "فيليب" وسرت كالسرطان بين الدول الأوروبية حتى زحفت إلي الدول العربية وتنقلت الأنباء عن سقوط ضحايا في الجزائر تارة والسعودية تارة أخري حتى وصلت إلي مصر ،فقد كانت عملية الانتحار الأخيرة التى وقعت منذ أيام بمثابة الحجر الذي حرك المياه الراكدة وجعلت البيوت المصرية تلتفت للخطر الذي يدق أبوابهم ، و انعكس ذلك أيضًا علي رواد التواصل الاجتماعي الذين أصابهم الذعر لما تردد علي مسامعهم من تزايد منتحري هذه اللعبة اللعينة، الأمر الذي دفعهم إلي توخّى الحذر والابتعاد عن توابعها المميتة.تتبنى اللعبة سياسة مخططة حيال المشتركين ،فهي تتكون من خمسين مرحلة، تمتاز المراحل الأولي بالسهولة التى تجعل المشترك يشعر بالاستخفاف تجاهها ثم تزداد صعوبتها شيئا فشيئا متمثلة في رسم حوت بآلة حادة علي يد المشترك مع الاشتراط بعدم إخبار الأهل بهذه الخطوة علي اعتبار أنها خطوة جادة لايمكن التراجع عنها حال تنفيذها. يبادر المشترك بالموافقة علي التعليمات، ثم تأخذ الأوامر منحنى آخر ومنها قطع أصابع اليدين والرجلين وتعبئة الدم في زجاجات و عمل فيديو بها ثم إرسالها للمسئول ،ومن هنا يقع المشترك في قبضة المسئول ويبدأ في إجبار المشترك في الاستيقاظ مبكرًا ومشاهدة الأفلام المرعبة في أوقات متأخرة من اليوم ،مع توافر أهم شرط وهو الغياب التام للأهل . فإذا قرر المشترك الانحراف عن القوانين و أبدي رغبته في عدم الاستمرار قابل ذلك بالتهديد والوعيد اللذين من شأنهما أن يجعلا المشترك يزيل الفكرة من جذورها وأن يواصل ما شرع به حتى النهاية. وتأتي في الختامً الخطوة الأخيرة وهو تصوير سطح المنزل لتهيئة المشترك بعد التأثير على العمل النفسي المتمثل في زعزعة الثقة بالنفس والدفع إلي مرحلة العزلة والوحدة تمهيدًا لمرحلة انعدام الرغبة بالحياة والرغبة المٌلحة إلي الموت .تعتبر مرحلة المراهقة من أخطر المراحل العمرية التى يمر بها الإنسان، فهي مرحلة تتسم بالتهور والتسرع والانجراف وراء المجهول ، لذا يتوجب علي الأسرة أن تكون أكثر وعيًا ومراقبة لأبنائهم ،فلولا التفكك الأسري لما وصل عدد المنتحرين إلي مائة وتلاثين حالة، لذا علينا أن نتعلم من أخطاء الآخرين، وأن نعي الدرس جيدا ولتدرك الأهالي أن حب المغامرة قد يؤدي إلى الموت فلابد أن يحيطوا عالم أبنائهم بخبرتهم الحياتية حتى لايقعوا في فخ الألعاب الإلكترونية.لم يعد الأمر يقتصر علي نشر الأكاذيب وترويج الإشاعات وإثارة الفتن وخراب البيوت فحسب، بل بات الأمر أكثر خطورة وأصبح يتعلق بحياة الشباب ومستقبلهم ،فإذا كان ولي الأمر عاجز علي التصدي للأساليب التكنولوجية المتباينة ومواكبة التطور التكنولوجي الذي دلف إلي بيته دون استئذان أو سابق إنذار، إلا أنه يستطيع حماية ابنه من خلال تقوية الواذع الدينى والتأكيد علي أن فكرة الانتحار حرام مع الدعم بالبراهين الدينية ،فالدين وحده القادر علي تلجيم وسوسة الشيطان وخلق شخصية علي دراية بأمور دينها ،إلي جانب العامل النفسي فكلما كانت الأسرة أكثر ارتباطًا وترابطًا كلما كان الطريق مسدودًا في وجوه التطبيقات الإلكترونية العديدة والمتنوعة، لاتتركوا الهواتف الذكية في أيدي أولادكم، فإذا كانت الألعاب الإلكترونية في الماضي نوع من أنواع الثواب الذي يحصل عليه الطفل بعد الإنتهاء من المهام المدرسية ، فهي الآن أصبحت وسيلة لقبض الأرواح ، ومن ثمّ يجب علينا الانتباه حتى لا تقع الأطفال فريسة للعالم الإلكتروني .

مشاركة :