بالنظر إلى خريطة العالم نجد أن منطقة الخليج العربى من أكثر مناطق العالم توترا و إنقساما بالرغم من تشابه كل الظروف الحياتية لسكانها بل وتطابقها لغة ودينا وعادات قبلية ، وبالنظر إلى أسباب التوترات فى هذه المنطقة الخليجية سنجد عدة أسباب على رأسها أنها مخزن الطاقة العالمية ، بالاضافة إلى و جود إيران على الشاطئ الآخـــر من الخليج حليف إسرائيل الأعظم ، و أكبر طامع فى ثروات الخليج و المنطقة العربية بأكملها ، لذلك فإيران صانع و مغذى الصراعات السياسية فى المنطقة ، بمساعدة دول زرعت فى رأس دول الخليج بذور التميز والطبقية بعيدًا عن باقى الدول العربية الأخرى ، وكانت سببًا فى اقامة مجلس التعاون الخليجى كإتحاد كونفيدرالى يأخذ دول الخليج بعيدًا عن الجامعة العربية ، ثم بدأ يزرع فى كل دولة على حـــده تميزا آخـــر ليشعل فيما بينهم صراع السيادة والنفوذ على الاخر بل السيادة الإقليمية ، وتولى المجلس معالجة بعض الأزمات السياسية فى ظل صراع زعامة ساهم الإنقسام الخليجى فى تفاقمها و فتح الباب للعدو الإيرانى لتنفيذ المخطط الإستعمارى نيابة عن إسرائيل وحلفائها فى الغرب ، كما هو الحال فى الملف السورى و اليمنى الذى أزهق الخليج ماديًا و المنطقة سياسيًا ، ووجدت دول الخليج نفسها بين طموح العدو الإيرانى و تكلفة الحليف الأمريكى الباهظة التى تقترب من " النفط مقابل البقاء " ، لتذكرنا بإتفاق " النفط مقابل الغذاء " أولى خطوات الإحتلال الأمريكى للعراق ، قبل تسليم سيادتها وثرواتها إلى إيران التى لا تختلف مطامعها كثيرًا عن تركيا التى ترى فى الخليج حق الإستغلال وأنها بالرغم من التوافق السياسي مع إسرائيل وإيران فى الأهداف ، إلا أن تركيا ترى فى نفسها الأحق بثروات المنطقة العربية ليس فقط كونها عاصمة الخلافة العثمانية الزائلة فى عشرينيات القرن الماضى بل كونها تمثل قوة إقليمية سٌنية بديل عن القوة الإيرانية الشيعية ، فبدأت بغزو الخليج ثقافيًا عن طريق حفنة من المسلسلات المُدبلجة ، والتى كانت سببًا فى تدفق السياحة والخليجية بكثافة إلى الدولة التركية وحصول الشركات التركية على عقود وإمتيازات بدول الخليج العربى بعشرات المليارات ، إلى أن كشفت تركيا عن نواياها الخبيثة بدعم الجماعات الإرهابية و المتاجرة بالملف السورى دوليًا ، و دعم طموح دول رأت فى القواعد الأمريكية على أراضيها و الإحتياطى الدولارى الضخم فى خزائنها ما يؤهلها لقيادة المنطقة العربية ، ودفعها إلى التدخل فى شئون مصر الداخلية ودعم بعض التيارات الدينية لإسقاط النظام ودعم وصول جماعة الإخوان المسلمين الحليف الإيرانى إلى الحكم ، ومن ثم فتح بوابة مصر على مصراعيها ليتحقق للغرب و محــــور الشر إسقاط مصر ، التى كانت وستظل درع المنطقة الذى تتحطم عليه المطامع الإستعمارية ، ومع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر و التصريح بأن أمن الخليج خط أحمر بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية برغم ما تمر به من صعوبات ، و أعلن أن القوات المسلحة المصرية حائط دفاع عن الخليج و كلمته الشهيرة " مسافة السكة" ، فهل يدرك الخليج بعد سقوط الأقنعة و إتضاح الصورة ، أن مصر القوية اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا تمثل درعا لهم ، و أن مصر هى الإستثمار الراسخ المجرد من المطامع و المحمل بالمبادئ التاريخية و الدينية ، و أن إستثمارهم فى مصر هو الإستثمار الآمن والإستراتيجى والضامن لبقاء الخليج .
مشاركة :