عندما يجتمع "حسن" الرجل الستينى بنجله "سامى" زوجته "أمل" و ابنته "نور" ليشاهد على التلفاز افتتاح مشروعات بالعاصمة الإدارية حارمًا سامى من مشاهدة مباراة هامة وحارمًا أمل من مشاهدة المسلسل اليومى ، ولكنه لم يمنع نور أن تطلب من والدتها التابلت لمشاهدة اليوتيوب بعد أن انتهت من مذاكرتها لمادة التاريخ و بالأخص الفتح العثمانى كما تسميه "أمل" أو الحكم العثمانى كما تسميه "نور"، معلله أن الذى يستولى على التحف الثمينة والمخططات النادرة التى هى ملك للشعب المصرى وينقل العمالة المدربة إلى عاصمته لتعميرها على حساب مصر لا يسمى فتحًا بل غزوًا أو حكمًا ، فيترك "حسن" مشاهدة الإفتتاح و يستسلم لذاكرته المليئة بالغزوات التى تعرضت لها مصر من فجر التاريخ مستشهدًا بقول الدكتور جمال حمدان عندما قال ( أن لمصر دائمًا وأبدًا عدو يتربص بها ويحلم ويعمل على سحقها ) ، ويربط الغزوات التى تعرضت لها مصر بوجود حاكم جاء إلى السلطة بشرعية الموقف والظروف الإستثنائية ، وما أن يبدأ فى الإصلاح و إعادة البناء حتى يجد الإحتلال على أبوابه أو العراقيل واحدة تلو الأخرى كما حدث مع "طومان باى" قبل الفتح العثمانى ومن قبله "صلاح الدين" و" قطز" ومن بعده "إبراهيم باشا الفرنجى" ،فيباغته "سامى" بأن هذه أحداث تاريخية قديمة فيكمل "حسن" فى إصرار لبعض الوقائع المماثلة بداية من "محمد على " بانى مصر الحديثة وإرسال حملة فريزر لاحتلال مصر لوقف عملية بناء مصر التى أفصح عنها وبدأت ملامحها فى الظهور وأفشل الحملة أهل رشيد ، وما أن بدأت دولة "محمد على" فى الظهور حتى صنعوا له معاهدة لندن عام 1884 م لتحجيم الدولة المصرية ، واستشهد "حسن" بقوة حجته بالإحتلال البريطانى الذى دخل الإسكندرية بعد الثورة العرابية وتشكيل حكومة "محمود سامى البارودى" بأربعة أشهر فقط ، ولم يكتفى "سامى" بكم الوقائع التاريخية التى توقف عندها والده فزاده "حسن" بواقعة العدوان الثلاثى الذى أستهدف دولة " جمال عبد الناصر" الوليدة بعد ثورة يوليو وخروج الإنجليز من مصر وما لبث أن بدأ فكانت حرب يونيو 1976 ، فانتفضت "أمل" فى تلقائية رابطة بين كل ما تعرض له حاكم تولى حكم مصر وشرع فى البناء والإصلاح إلا وأرسلت له العراقيل بل والجيوش قائله ( علشان كده بعتوا لنا الإرهاب) ،بعد أن شرح "حسن" معنى الإصلاح الذى يتصدره حفنة من المشروعات و إصلاح التعليم و العناية بالصحة فيسعد بها "حسن" ويغبط "سامى" ساخرًا من النساء و طريقة تفكيرهن التى تجعلهن يتصدرن الإستحقاقات الإنتخابية ليكون رد "حسن" قوى وغير تقليدى ويرجع ذلك إلى شراسة السيدات التى جعلت الغرب يجندهن فى الصفوف الأولى و يستخدمهن فى الحراسات الخاصة و يتولين المناصب الكبرى بالاضافة إلى قدرة السيدات على التحمل و الإنتماء الذى يجعلها تقاتل إذا ما شعرت بالخطر ، ويشاطر "حسن" زوجة ابنه " أمل" فى تفاؤلها بمستقبل مصر ويخرج سامى من دائرة التفاؤل بعد أن تضاءلت فرص إستخدامه للماء والكهرباء عكس العهود السابقة ، ليؤكد له حسن بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة فى مرحلة ترشيد إجبارى حرصًا على حق الأجيال القادمة فى الثروة أسوة بما يفعله كل أب لتأمين مستقبل أولاده فهل نقبل به فى منازلنا ونقاومه فى الدولة ؟ويرد "حسن" على " سامى" الذى يطلب العيش اليوم والموت غدًا فيؤكد له أن السيارة تحتاج عمره كاملة وإعادة إصلاح الماكينة بعد عقود من الإهمال المتعمد وأن من يتولى إصلاحها مهندس يعرف كل كبيرة وصغيرة داخل الماكينة عكس الميكانيكى الذى يدعمه التوكيل لينال فرصة الإصلاح فتزداد التكلفة و يتولى التوكيل بعد ذلك الإدارة وصولًا إلى خراب المكينة فلا تجد ماكينة أخرى بعد أن أفقدك التوكيل نقودك.ويحث "حسن" ابنه وأسرته على ضرورة التركيز حتى تتضح الصورة بعد أن لقنه دراسًا فى معنى الديمقراطية التى تعتمد على المشاركة فى مخرجات الدولة والنظام دون التصادم مستخدمًا الطرق الشرعية سبيلا و أن التاريخ الذى يكتبه الشعب جيلا بعد جيل يقدم على الدستور الذى يكتبه جيل واحد لتحيا مصر.
مشاركة :