نورهان البطريق تكتب: الدراما في رمضان‎

  • 6/5/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر شهر رمضان الكريم الموعد المتفق عليه لعرض اﻷعمال الدرامية حيث يعتبر إياه موسم السباق والمنافسة بين المسلسلات لتحقيق النجاح المنشود والوصول إلي أعلي نسب مشاهدة،مما ينتج عنها زيادة معدل الإعلانات التى تعتبر المعيار اﻷساسي لنجاح أي عمل درامي .ومن هنا كانت بداية تدنى اﻷعمال الدرامية وتدهورها، بمعنى أنه منذ أن أصبح الهدف اﻷساسي هو تحقيق الربح المادي وتحقيق نسب مشاهدة عالية ،أصبحت اﻷعمال الدرامية فارغة المحتوى وهشة المضمون . فأصبح النص الدرامي ﻻيخلو من الشتائم واﻷلفاظ البذيئة وأصبح المؤلفون يسيرون مع التيار فيكتبون نصوص درامية مبتذلة . والمنتجون بيحثون عن العمل التجاري الخفيف الذي ﻻيكلفهم اﻹ القليل وفي نفس الوقت يحقق نجاح سريع. فاﻷعمال الدرامية أصبحت تنقسم إلي قسمين ﻻ ثالث لهما:"النوع الأول " يقوم علي أن بطل المسلسل يسلك الطريق السهل والمضل بعد أن يضع المؤلف حبكته الدرامية وهو أنه تعرض إلي ظلم كبير وقهر من المجتمع لكي يبرر له انجرافه وراء تيار الضياع .ففي أغلب الأعمال الدرامية بطل المسلسل بعد أن يتقدم لوظائف كتيرة وعديدة ويتم رفضه تجدالمؤثرات الصوتية والبصرية التى يضعها فريق العمل تسوقه دائما إلي طريق المخدرات .ﻷن بهارات العمل الدرامى لن تخرج عن أن البيئة التى نشأ فيها البطل فقيرة ،وأنه الشخص الذي يعول أفراد أسرته ،فهو المسئول عن زواج أخته ودفع المصاريف الدراسية لبقية أخواته ،ففي ظل هذه الظروف دائما تجد أن البيئة مناسبة لتجارة المخدرات .فضلا عن اﻷب الذي يظهر في أغلب اﻷعمال الدرامية عاطل ويتهرب من تحمل المسئولية. واﻷم التى تزوج بنتها لشخص في عمر أبيها من أجل المال وقد تظهر في أحيان أخري مسجونة في جريمة قتل. أما الابنة فدائما تصاحب جارتها التى تقودها إلي طريق الضلال ، ففي اﻷونة اﻷخيرة أصبح هناك تشويه ملحوظ يكاد يكون مقصود للأسرةالمصرية ." النوع الثانى "فهو الذي يقوم علي الكوميديا التى تعتمد علي اﻹيحاءات واﻹسفاف من أجل إضحاك المشاهد ، فالمسلسلات الكوميدية وصلت إلي حد الهلس والتريقة .أما عن من يدعون أن المسلسلات تمثل الواقع .فالواقع ملئ باﻹيجابيات والسلبيات فبجانب الطالح يوجد الصالح. فقديما كنا نشاهد مسلسل" ونيس" الذي جسده الفنان المحترم" محمد صبحي "،وهو يغرس في أوﻻده القيم والمبادئ ففي كل حلقة كنا نشاهد كيفية معالجتة للمشاكل التى يقابلها من إبنائه دون استخدامه لفظ جارح .مسلسل "ضمير أبلة حكمت" التى جسدته العملاقة الراحلة"فاتن حمامة" فكانت تجسد دور ناظرة المدرسة التي تعمل علي تقويم سلوك الطلبة،و رسخ القيم التربوية واﻷخلاق الحميدة لدي الطلبة والتلاميذ.مسلسل "الوتد "للفنانة العظيمة " هدي سلطان "الذي جسدت فيه دور اﻷم في أبهي صورها .في شدتها أثناء تربية أوﻻدها في ظل وفاة اﻷب ، حكمتها أثناء مواجهتها للمشاكل الحياتية ،وفي حنيتها من خلال زرع الحب بين أبنائها أليس هذا واقعًا يجب أن تحتذي به ونجل له كل الاحترام ؟ !ولكن يبدو أن واقع الزمن الجميل اختلف كثيرا عن الواقع المرير الذي أصبحنا نعيش فيه .فالتلوث السمعي والبصري لم يقتصرا على المسلسلات فحسب. بل طال أيضًا البرامج فإذا لاحظنا خطة القنوات الفضائية كل عام، سنجد أن البرامج الكوميدية والتى نطلق عليها حاليًا "برامج المقالب " لها نصيب الأسد ،حيث تلقي اهتمام كبير من جانب القنوات الفضائية، بدليل أن توقيت العرض يكون بعد الآذان مباشرة، وهو الوقت الذي يلتف فيه أفراد البيت الواحد حول التلفاز.على سبيل المثال "برنامج تحت الصفر"وهو يعد من أقوي برامج المقالب الموجودة علي الشاشات الفضائية خلال شهر رمضان الكريم ،فتوقيت عرضه استمر لعدة سنوات بعد الإفطار مباشرة حيث وقت الذروة من حيث المشاهدة والمتابعة ،وكذلك موعد إعادة البرنامج توافق دائمًا وقت السحور.حتى اختيار الضيف فهو اختيار ليس بعشوائي ولكنه مدروس فأولي الحلقات تكون لشخص مثير للجدل والاهتمام من جانب المشاهد . فالمشاهد ماهو إلا قطعة شطرنج تتلاعب به القنوات الفضائية كيفما تشاء من أجل تحقيق أهدافها دون أن يشعر.فيعتقد أنه صاحب اﻷمر والنهي بإعتباره من يملك الريموت كنترول ،ولكنه في النهاية مجرد أداة ضمن أدوات درامية وإعلامية مدروسة بعناية فائقة وبمهارة عالية.قديما كنا نلتف حول قصص اﻷنبياء ،وبوجي وطمطم ،وفوازير نيللي وشريهان، و فوازير عمو فؤاد ،وبكار . أصبحنا اﻵن نسمع المؤثر الصوتى(تييييييييييت ) ليغطي علي شتائم الفنانين و لاعبي كرة القدم.فصناعة السينما تحتاج إلي ثورة أخلاق سواء كانت أفلام سينمائية أو أعمال درامية ، أو كانت داخل السباق الرمضانى أو خارجه ،ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى تقضي على كافة الفيروسات الدرامية سواء كتابة أو إخراج أو تمثيل .إلي جانب فرض رقابة مشددة وفلترة اﻷعمال .ووضع معايير يتم على أساسها عرض اﻷعمال التى تناسب عاداتنا وتقاليدنا .وبشكل الذي يراعي وجود أطفال داخل كل بيتفمن المعيب أن نكون في شهر له حرمته وقدسيته ونجد مسلسلات تحمل شعار"+12،+16"،فكيف نمنع أوﻻدنا من مشاهدة هذه المسلسلات وكيف نتجرد من إحساسنا بروحيات الشهر الكريم والشعائر التى تتجلي فيه ونتابع مثل هذه المسلسلات؟!فاﻷعمال الدرامية وصلت إلي درجة من الانحدار والتدهور الذي يرسي له مما أدي ذلك إلي تراجعها بشكل ملحوظ في السنوات اﻷخيرة .

مشاركة :