إش بلاك؟! | طلال القشقري

  • 1/30/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اكتشفْتُ مؤخرا أنّ بيت جاري المتقاعد يتمتّع بخدمات أفضل ممّا يتوفّر لبيتي، خصوصا في المياه والكهرباء والخدمات البلدية، فانتابتني نوبة طفولية من الغيْرة، وسألتُه عن السرّ، فأجابني بالحرف الواحد وبلهجته القبيلية الجنوبية: "إش بلاك؟ إذا ما اشتكيْت مَحَدْ داري عنّك"!. هذا هو السرّ باختصار، أمّا في التفاصيل فجاري لا يردّه رادّ ولا يردعه رادع عن تقديم الشكاوى الشخصية لأكبر مسؤول في جهات الخدمات عند نقصها أو حصول أيّ مشكلة فيها، فإذا ما اعتذر مدير مكتب المسؤول الأكبر عن مقابلته "فَرْصَع" له عينيه وحمّرهما كأنهّما فرولتان حمراوتان، وقال له "إش بلاك؟ عيال عبدالعزيز فاتحين أبوابهم للناس، وأنتم لا تفتحونها؟!، فيُقابله المسؤول على الفور ويحلّ مشكلته!. أعطيكم مثاليْن طازجيْن: تعطّلت بعض أعمدة الإنارة الكهربائية في الحيّ، وبعد تقديم جاري لشكوى - حسب الطريقة المذكورة أعلاه - أصلحت الأمانة أعمدة الكهرباء، لكن تقريبا أمام بيته فقط!. وتأخّرت شركة المياه الوطنية في إيصال خدمة الصرف الصحي لمعظم منازل الحي، وبعد تقديم جاري لشكوى – حسب الطريقة المذكورة أعلاه – أوصلت الشركة الخدمة لبيته وحده وأصبح هو يُفاخر أهل الحيّ بتخلّصه من البيّارة غير الصحية وغير الآمنة!. أنا أتساءل في العموم:، هل تريد الجهات من الناس أن يتقاعدوا أو يتركوا أعمالهم وشؤون حياتهم الأخرى ويتسلّحوا بثقافة الشكاوى لدى أكبر مسؤول فيها لتُوفّر لهم خدماتها بلا تأخير أو أعطال؟ لو صحّ هذا فهو ليس بالأمر الحضاري، إذ المفترض أن تُوفّر الخدمات وتصونها بسهولة وسلاسة، ودون أيّ شكوى أو مراجعة لدى المسؤول الأكبر أو حتى الأصغر، ثمّ لو اشتكى الناس فلماذا لا تحلّ الجهات مشكلاتهم ومشكلات الآخرين من حولهم معا؟ إنّ توفير الخدمات وحلّ المشكلات بالتقطير أو بالتقسيط في الحي الواحد لهو أكبر دليل على وجود قصور في الجهات!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، قالت إنها كانت تتمنّى ألاّ يكون السرّ في تقديم الشكاوى، بل في إعداد الجهات وتنفيذها للبرامج السريعة والمتطوّرة للخدمات، ممّا صرفت الدولة عليها المليارات لراحة المواطن والمقيم، ويُفترض أن ترتقي معها كما ونوعا، وإذا لم يحصل ذلك فلا مناص من "إش بلاك؟! لعلّ الجهات تدري عنّا وترأف بنا!. @T_algashgari algashgari@gmail.com

مشاركة :