أفريقيا الرحم الذى تعيش مصر داخله والنيل حبلها السرى الذى يغذيها من قلب أفريقيا جمد اتحادها فى 2013 عضويتها امتثالًا لضغوط إقليمية ودولية فى ظاهرها العدالة والحرية وفى باطنها الهلاك والدمار، ثم عادت مصر بعد سنوات لتصدر المشهد الأفريقي وتتسلم رئاسة الاتحاد الأفريقي بعد عملية انتخابية أشبه بالتذكية؛ لينطلق صوت أفريقيا من القاهرة بعد أن تلمس الأفارقة التغيير الحقيقي الذى شهدته مصر وإصرار شعبها على المضى بخطى ثابتة نحو المستقبل معتمدًا فى خطاه على عمقه وجزوره الأفريقية، ومن يتمعن النظر فى كواليس عرس تسلم مصر لرئاسة دورة الاتحاد الأفريقي بعد فتور فى العلاقات أستمر لسنوات سيجد أن هذا العُرس هو نتاج لعبقرية سياسية ودبلوماسية واستراتيجية صبغت بعبقرية مصر الجغرافية والحضارية، وتمثلت العبقرية السياسية فى القرار السياسي المصرى الذى وضع القارة السمراء نصب عينيه ومنحها مساحة كبرى داخل معركة التحرر الوطنى التى يقودها فى ظل ظروف استثنائية وعرة دفعته لرسم مخطط زمنى لإعادة هيكلة وترميم التصدعات التى خلفتها العقود السابقة فى العلاقات المصرية الأفريقية، أما العبقرية الدبلوماسية فتمثلت فى المؤسسات الدبلوماسية التى استخدمت خطابا دبلوماسيا جديدا ساهم فى تشويه ثم محو الصورة التى رسمتها قوى الشر لمصر فى نفوس الشعوب الأفريقية وشيطنة الدولة المصرية، لتصنع الدبلوماسية المصرية بعبقريتها صورة جديدة لمصر تناسب عبقرية موقعها الجغرافى على رأس القارة السمراء ساحة النفوذ والصراع الدولى، وتناسب عبقرية موضعها التى صنعها تاريخ شعب تدين له الحضارة الإنسانية بكثير من الفضل.وتجلت العبقرية الاستراتيجية التى أدارت هذا الملف حيث كيفت الغايات التى تبحث عنها داخل أفريقيا مع الوسائل التى تمتلكها، بالإضافة إلى إستدعاء تجارب الماضى من الذاكرة وإعادة بنائها بعد استخلاص الدروس تجنبًا للإخفاقات السابقة، وكل شيء يدل بل يصرخ أن توقيت قيادة مصر لأفريقيا فى ظل الظروف الداخلية التى تتأهب فيها السياسة المصرية إلى تعديلات دستورية تحافظ على الإنجازات التى شهدتها مصر وعلى رأسها الإستقرار الأمنى بعد تجنب صراعات السلطة التى أشعلتها الجماعات و الأحزاب الكرتونية بدعم من الخارج، وتحقيق نجاحات كبرى على صعيد مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف داخل مصر و على إمتداد عمقها الإستراتيجي، بالإضافة إلى وضع إقليمي أخذ فى التشكل بفعل صراع نفوذ بين قوى إقليمية ظنت أن مركز ثقل المنطقة ــ مصر ــ ستغرق فى أزمات اقتصادية واجتماعية من شأنها النيل من قوتها وإرادتها، فهذا التوقيت يدل على حسن قيادة وتدبير للمرحلة السابقة لها، وتبعث بالأمل للمرحلة القادمة التى ينتظر الشعب المصرى حصاد ثمار صبره وتحمله التى تعجب لها المجتمع الدولى.ولا يمكن الحديث عن أفريقيا وقيادتها دون التوقف عند نهر النيل ذلك الرباط المقدس الذى يربط مصر بالقارة الأفريقية والذى نال هو الآخر جانب من الضربات التى حاولت أن تثنيه عن مهمته الأساسية وتناسي هؤلاء العابثين الحاقدين أن النيل يبدأ رحلته بسباق حواجز ومعترضات يتخطاها جميعًا فى إصرار وحسن ظن حتى يصل بالخير إلى مصر لتحيا مصر .
مشاركة :